الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى بَيْنَ الْجُدَيِّ وَالْفَرْقَدَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا، بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ أَمَّا الْأَعْمَى، فَلَا يَجْتَهِدُ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ بَصَرِيَّةٌ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْبَصَرِ فَيَخْتَصُّ الِاجْتِهَادُ فِيهَا بِالْبَصِيرِ (أَيْ لِكُلِّ فَرْضِ) مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ مَنْذُورًا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَقُوَّةِ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ.
وَمِثْلُهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَفَارَقَتْ الْقِبْلَةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ الْحَدَثِ وَفِي الثَّوْبِ بِبِنَائِهَا فِي الْأَصْلِ عَلَى الْيَقِينِ وَاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعَمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ
(لَا فِي مَحَارِيبِ) النَّبِيِّ (شَفِيعِ) يَوْمِ (الْعَرْضِ) أَيْ لَا اجْتِهَادَ فِيهَا
ــ
[حاشية العبادي]
الزَّرْكَشِيُّ اهـ (قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْضٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَمَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ فَرْضٍ يَلْزَمُ الْأَعْمَى إعَادَةُ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَوَاتِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ مُوَالَاةِ الْفُرُوضِ
(قَوْلُهُ لَا فِي مَحَارِيبِ شَفِيعِ الْعَرْضِ) أَيْ عَلَى اللَّهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَقَعَ إجْمَاعٌ عَلَيْهِ أَوْ تَوَاتُرٌ بِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ غَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقِبْلَةَ لَا تَثْبُتُ بِظَنٍّ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ عَدْلٍ. اهـ. قُلْت هَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَعَيِّنُ؛ لِأَنَّ مِحْرَابَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ عَنْ عِلْمٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا كَذَلِكَ فَكَمَا امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا مَعَ خَبَرِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا فَكَذَا
[حاشية الشربيني]
مُتَوَجِّهًا لِلْكَعْبَةِ اهـ مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَحَرِّرْهُ
(قَوْلُهُ وَهُوَ نَجْمٌ) وَيُسَمَّى الْجُدَيَّ بِالتَّصْغِيرِ، وَالْقُطْبَ لِقُرْبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ الْقُطْبَ لِقُرْبِهِ أَيْ ذَلِكَ النَّجْمِ مِنْهُ أَيْ الْقُطْبِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلنَّجْمِ لَا لِلْقُطْبِ وَقَدْ صَنَعَ ق ل مِثْلَ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَجْتَهِدُ) فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ مَسُّ الْكَعْبَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي فَتَاوَى م ر أَنَّهُ يَكْفِي مَسُّ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ عِنْدَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَسِّ الْقِبْلَةِ وَمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ بَصَرِيَّةٌ) أَيْ مُعْظَمُهَا بَصَرِيٌّ كَالْقُطْبِ وَالْقَمَرَيْنِ، وَأَمَّا الرِّيحُ فَضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ، وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْضٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ حُضُورِ الْفَرْضِ الثَّانِي إلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى اجْتِهَادٍ كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ نَسِيَ فِيهِ الدَّلِيلَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ كَأَنْ أَخَّرَهُ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ وَفَارَقَ الْمُعَادَةَ لِفَسَادِ الْأُولَى بِأَنَّهَا فَرْضٌ ثَانٍ صُورَةً، وَمَعْنَى تَذَكُّرِ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَنْسَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، كَالشَّمْسِ أَوْ الْقُطْبِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَنْسَى الْجِهَةَ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا أَوَّلًا اهـ. ق ل وَالثَّانِي ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ) أَيْ مُوَافَقَةِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ إلَخْ) أَيْ فَيُصَلِّيهِ بِاجْتِهَادِهِ لِلْفَرْضِ فَإِنْ أَرَادَ صَلَاتَهُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الِاجْتِهَادُ لَهُ، وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر وَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَجَبَ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر وزي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَنْ نَقَلَ عَنْهُ خِلَافَهُ وَقَيَّدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ بِمَا إذَا تَرَاخَى فِعْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الِاجْتِهَادِ اهـ. وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَنْسَى الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ اهـ
(قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الْقِبْلَةُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ ثَانِيًا وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِهَذَا وُجُوبَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى قَبْلَ الْحَدَثِ اهـ. (قَوْلُهُ لِبِنَائِهَا إلَخْ) الْمَجْمُوعُ: عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الثَّانِي مَا إذَا لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا نَسِيَ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِصَيْرُورَتِهِ الْآنَ أَعْمَى مَعَ انْحِرَافِهِ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَانْظُرْ لَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ عَمِيَ مَعَ عَدَمِ انْحِرَافِهِ وَذِكْرِهِ الدَّلِيلَ فَهَلْ يُصَلِّي لِوُقُوعِ اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ صَحِيحًا كَمَا هُوَ؟ قَضِيَّةُ التَّصْوِيرِ بِدَوَرَانِهِ أَوْ إدَارَةِ غَيْرِهِ أَوْ لَا لِعَدَمِ كَوْنِهِ الْآنَ أَهْلًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: دَارَ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ حَرِّرْهُ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِهَادٍ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ لَا فِي مَحَارِيبِ شَفِيعِ الْعَرْضِ) أَيْ إنْ ضَبَطَ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى لَوْ عُلِمَتْ صَلَاتُهُ فِي مَكَان وَضَبَطَ مَوْقِفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute