للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ فِيهِ رَجُلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ تَجْبُرُهُ وَقِيسَ بِالرَّجُلِ الْأَمَةُ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» وَالسُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهِمَا لِيَحْصُلَ سَتْرُهَا (وَ) عَوْرَةُ (الْحُرَّهْ فِي) جَمِيعِ بَدَنِهَا (غَيْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا) ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَلِخَبَرِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ أَيْ: بَالِغَةٍ إلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] يَعْنِي الثِّيَابَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اشْتِرَاطُ السَّتْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَوْرَةً؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا وَالْخُنْثَى الرَّقِيقُ كَالْأَمَةِ وَالْحُرُّ كَالْحُرَّةِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَفْقَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلشَّكِّ فِي السَّتْرِ وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ صِحَّتَهَا وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ لِلشَّكِّ فِي عَوْرَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ وَيَجِبُ السَّتْرُ (بِمَا لَا يَصِفُ) الرَّائِي مِنْهُ بِمَجْلِسِ التَّخَاطُبِ (اللَّوْنَ) لِلْبَشَرَةِ وَإِنْ وَصَفَ الْحَجْمَ (وَلَوْ كُدْرَةَ مَا وَ) لَوْ (يَدَهُ) بِقَيْدٍ زَادَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (بِغَيْرِ مَسٍّ مُبْطِلِ وُضُوءَهُ) لِحُصُولِ السَّتْرِ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

جِلْدَةٌ مِنْ الْعَوْرَةِ وَتَدَلَّتْ وَجَبَ سَتْرُهَا لِلصَّلَاةِ وَإِنْ جَاوَزَتْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ جَاوَزَ انْكِشَاطُهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَهَلْ يَجِبُ سَتْرُهَا لِلصَّلَاةِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ أَوْ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ سَتْرُهُ لِلصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ وَتَأْيِيدُ الْأَوَّلِ بِوُجُوبِ سَتْرِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْعَوْرَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ سَتْرِهَا لِلصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَتْ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ وَجَبَ سَتْرُهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْعَوْرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِينَئِذٍ سَتْرُهَا لِلصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُمْنَعُ وُجُوبُ سَتْرِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْخَلْوَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا دُونَ إلَخْ) قَدْ يَطْعَنُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا اخْتِلَافُ عَوْرَةِ النَّظَرِ وَعَوْرَةِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا فِي الْأَثْنَاءِ بِأَنْ سَتَرَ كَالْحُرَّةِ وَأَحْرَمَ ثُمَّ كَشَفَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ انْعَقَدَتْ ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ فِي الْمُبْطِلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَمَا لَوْ انْصَرَفَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ إحْرَامِ خُنْثَى فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي أَمْرٍ فِي ذَاتِهِ وَهُنَاكَ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الشَّكُّ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ كَأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَتَرَ جَمِيعَ مَا تَسْتُرُهُ الْحُرَّةُ ثُمَّ بَانَ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأَمْرُ خِلَافَهُ ثُمَّ بَانَ ذَكَرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَدَهُ) يَنْبَغِي وُجُوبُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهِ وَإِذَا تَعَارَضَ عِنْدَ السُّجُودِ وَضْعُهَا لِلسُّجُودِ وَبَقَاءُ السَّتْرِ بِهَا فَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَدَرَ عَلَيْهِ وَالسَّتْرُ شَرْطٌ عَجَزَ عَنْهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَحَارِمِ أَمَّا مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ بَدَنِهِ وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَسَوْأَتَاهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: الْأَمَةُ) أَيْ: عَوْرَتُهَا مَا ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ وَمَعَ الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءِ أَمَّا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ بَدَنِهَا وَفِي الْخَلْوَةِ كَالرَّجُلِ وَقِيلَ: كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي ق ل. (قَوْلُهُ: وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُزَنِيّ لَيْسَ الْقَدَمَانِ بِعَوْرَةٍ وَقِيلَ: لَيْسَ بَاطِنُ قَدَمَيْهَا عَوْرَةً وَعِنْدَ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ مَا لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَعِنْدَ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَرِجَالٍ لَمَحَارِمِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَعِنْدَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ جَمِيعُ بَدَنِهَا وَفِي الْخَلْوَةِ كَالْمَحَارِمِ وَقِيلَ: كَالرَّجُلِ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا خَارِجَهَا لَا فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ كَانَ فِي بَيَانِ الْعَوْرَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ اشْتِرَاطُ سَتْرِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجُمْلَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) بِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُرُودِهَا فِي الصَّلَاةِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْأَمَةِ) فِيهِ أَنَّ عَوْرَةَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْقِنَّيْنِ لَا تَخْتَلِفُ إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ عَوْرَةَ الْأُنْثَى أَوْسَعُ مِنْ عَوْرَةِ الذَّكَرِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَالْأَمَةِ) أَيْ: فِي عَوْرَةِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ صِحَّتَهَا) أَيْ: مَعَ وُجُوبِ سَتْرِ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ اهـ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ كَشْفُ مَا عَدَا عَوْرَةَ الرَّجُلِ فَنَأْمُرُهُ بِسَتْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرُونَ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ.

(قَوْلُهُ: وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَجْهَيْنِ وَقِيَاسُ عَدَمِ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِمَسِّهِ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِالِانْكِشَافِ فِي الْأَثْنَاءِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ. (قَوْلُهُ: بِمَجْلِسِ التَّخَاطُبِ) أَيْ: مَعَ اعْتِدَالِ الْبَصَرِ لَا بِوَاسِطَةِ نَحْوِ شَمْسٍ فَلَا يَضُرُّ رُؤْيَتُهَا مَعَ غَايَةِ الْقُرْبِ أَوْ حِدَّةِ الْبَصَرِ أَوْ بِوَاسِطَةِ نَحْوِ الشَّمْسِ كَمَا فِي حَجَرٍ وَحَوَاشِيهِ. (قَوْلُهُ: بِمَجْلِسِ التَّخَاطُبِ) الْمَنْقُولُ عَنْ فَتَاوَى م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَغَيْرِهِ. اهـ. سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَدَهُ) أَيْ: يَكْفِي السَّتْرُ بِهَا لَكِنْ إذَا فُقِدَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ بِهَا قَالَهُ سم

<<  <  ج: ص:  >  >>