للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُهِمَّاتِ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِ الثَّوْبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ أَمَّا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ كَالْعَدَمِ بَلْ يَسْتَتِرُ وَيُكَفَّنُ بِهِ كَالْحَرِيرِ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ السَّاتِرِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لَا الْعِبَادَةُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ

(وَ) بَطَلَتْ (بِكَلَامِ النَّاسِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُمْ وَمَثَّلَ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَالتَّرَحُّمِ لِلْعَطْسِ) نَحْوَ رَحِمَك اللَّهُ بِالْخِطَابِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» «وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُك اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْت: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونِي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» .

وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ إحْدَاهَا إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَعَا فِي عَصْرِهِ مُصَلِّيًا كَمَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ الثَّانِيَةُ تَلَفُّظُهُ بِالنَّذْرِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابُ آدَمِيٍّ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَقِيَاسُهُ التَّعَدِّي إلَى الْإِعْتَاقِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْقُرَبِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الْحَرِيرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُتَنَجِّسِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ. (قَوْلُهُ: إجَابَةُ النَّبِيِّ إلَخْ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَعِيسَى - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ م ر. (قَوْلُهُ: خِطَابُ آدَمِيٍّ) أَوْ تَعْلِيقٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَالرَّوْضِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ تَحْصِيلِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وُجُوبُ اعْتِبَارِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ أُجْرَةُ مِثْلِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ لِوُجُودِ ذَلِكَ الثَّوْبِ بَعْدَ الْقَطْعِ فَكَأَنَّهُ ثَوْبٌ مُؤَجَّرٌ

(قَوْلُهُ: وَبِكَلَامِ النَّاسِ) أَيْ: إنْ تَلَفَّظَ بِهِ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَلَوْ حَدِيدَ السَّمْعِ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَهُ اهـ ز ي ق ل وَخَالَفَ حَجَرٌ فَقَالَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّمْعُ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: رَحِمَك اللَّهُ) أَمَّا لَوْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْ قَالَ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا يَضُرُّ بَلْ هُوَ جَائِزٌ وَيُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي رَدُّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ اهـ ق ل وَفِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ اعْتِمَادُ إبْطَالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْعَاطِسِ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الرَّدِّ تَصْرِفُهُ إلَى الْخِطَابِ قَالَ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَهُوَ أَوْجَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَانِتِينَ) فِي الْمِصْبَاحِ يُسَنُّ السُّكُوتُ فِي الصَّلَاةِ قُنُوتًا وَمِنْهُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ ذَاكِرِينَ. (قَوْلُهُ: فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ) أَيْ: عَنْ كَلَامِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ مُعَاوِيَةَ إلَخْ) أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَقُلْت وَا ثُكْلَ إلَخْ) لَمْ يَأْمُرْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ كَلِمَاتٍ نَحْوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْكَلِمَاتُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَاثُكْلَ إلَخْ) الْوَاوُ لِلنِّدَاءِ وَالنُّدْبَةِ وَثُكْلَ بِمَعْنَى الْفَقْدِ أَيْ: فَقْدِ أُمِّهِ لَهُ مُنَادَى مَنْدُوبٌ مُضَافٌ لِلْأُمِّ وَالْأُمُّ مُضَافٌ لِلْيَاءِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى السُّكُونِ الْمُقَدَّرِ عَلَى الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ لِمُنَاسَبَةِ أَلِفِ النُّدْبَةِ. (قَوْلُهُ: فِي عَصْرِهِ) قَيَّدَ بِهِ هُنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَطْلَقَ الْمَحَلِّيُّ فَقَالَ ق ل يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إجَابَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ بِكَثِيرِ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَخِطَابِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا جَوَابُ كَلَامِهِ وَلَوْ بِلَا مُنَادَاةٍ فَلَوْ ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي بِهَا بَطَلَتْ أَمَّا غَيْرُ نَبِيِّنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَتَجِبُ إجَابَتُهُمْ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَلَوْ فِي الْفَرْضِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَخِطَابِهِمْ أَيْضًا وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا م ر أَنَّ إجَابَتَهُمْ مَنْدُوبَةٌ وَضُعِّفَ اهـ.

وَتُبْطِلُهُ الْمُوَالَاةُ بِإِجَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ع ش وَقَوْلُ ق ل وَالْمُرَادُ بِهَا جَوَابُ كَلَامِهِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ سُؤَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَيْءٍ ابْتِدَاءً مُبْطِلٌ وَيُنَافِيهِ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ كَلَامِ ذِي الْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ. وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَوَابًا وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا اهـ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ كَمَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّقْيِيدَ مَا سَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ: تَلَفُّظُهُ بِالنَّذْرِ) أَيْ: بِلَا تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا اهـ ز ي فَخَرَجَ نَذْرُ اللَّجَاجِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّعْلِيقِ وَيُشْتَرَطُ فِي النَّذْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ لَا الْإِخْبَارِ وَإِلَّا بَطَلَتْ سم عَلَى م ر فَإِنْ قُلْتَ لِمَ بَطَلَتْ بِالنَّذْرِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ وَلَمْ تَبْطُلْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ كَرَاهَتِهَا قُلْت قَالَ ع ش: لِأَنَّهُ انْتَفَتْ فِيهِ الْقُرْبَةُ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابُ آدَمِيٍّ) أَيْ: غَيْرِ النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>