للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(دُونَ نَهْرٍ يُهَابُ) لِكِبَرِهِ (أَوْ شَارِعٍ) ، وَإِنْ كَثُرَ طُرُوقُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعَدَّا لِلْحَيْلُولَةِ وَأَرَادَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: كُلَّ صَفَّيْنِ مَا يَشْمَلُ الْإِمَامَ وَالصَّفَّ الْأَوَّلَ، وَعَطَفَ عَلَى فِي انْبِسَاطِ مَوْضِعٍ قَوْلُهُ (وَفِي سِوَى ذَيْنِ) وَعَلَى مَدًّا لَا يَبْعُدُ قَوْلُهُ (صِلَتْ مَنَاكِبٍ) وَثَلَاثِ أَذْرُعٍ وَتُحَاذَى كَمَا سَيَأْتِي، أَيْ أَوْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَمَوْضِعٍ مُنْبَسِطٍ، بِأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ وَالْآخَرُ فِي آخِرِ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ، إنْ صَلَّى أَحَدُهُمَا بِجَنْبِ الْآخَرِ. (وَلَوْ بِفُرْجَةٍ خَلَتْ) بِزِيَادَةِ خَلَتْ تَكْمِلَةً وَتَأْكِيدًا، أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاتِّصَالُ مَعَ فُرْجَةٍ (ضَاقَتْ بِشَخْصٍ) ، إذْ هَذَا الِاتِّصَالُ الْحُكْمِيُّ كَالِاتِّصَالِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْحُكْمِ

(وَثَلَاثِ أَذْرُعٍ) تَقْرِيبًا (مِنْ خَلْفِ هَذَا) أَيْ الْإِمَامِ، إنْ صَلَّى خَلْفَهُ الْمَأْمُومُ (وَتَحَاذِي الْأَرْفَعِ وَنَازِلٍ عَنْهُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ) ، إنْ صَلَّى أَحَدُهُمَا أَرْفَعَ مِنْ الْآخَرِ (قُلْتُ افْرِضْ اعْتِدَالَ مَنْ) أَيِّ نَازِلٍ (لَمْ يَكُنِ) مُعْتَدِلًا، أَمَّا إذَا جَمَعَهُمَا وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَلَا قَضَاءَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِمَا مَرَّ، وَأَنَّ أَحْوَالَهُ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَسْجِدٌ، وَإِنْ تَبَاعَدَا وَاخْتَلَفَ الْبِنَاءُ كَسَاحَتِهِ وَسِرْدَابِهِ وَمَنَارَتِهِ وَسَطْحِهِ، إنْ كَانَا مِنْهُ، إذْ الْمَسْجِدُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ وَإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُؤَدُّونَ لِمَقْصُودِهَا فَلَا يَضُرُّ الْبُعْدُ وَاخْتِلَافُ الْبِنَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَشَرْطُ الْبِنَاءَيْنِ فِيهِ أَنْ يَنْفُذَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّانِ مَسْجِدًا وَاحِدًا، ثُمَّ لَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبَابِ بَيْنَهُمَا مَرْدُودًا أَوْ مُغْلَقًا، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ، فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ

قَالَ الْحِصْنِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ نَهْرٌ حُفِرَ بَعْدَ جَعْلِهِ مَسْجِدًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَعَطْفٌ عَلَى فِي انْبِسَاطِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ أَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُجْعَلَ اسْتِئْنَافًا اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِنُدْرَةِ كَوْنِ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَكَثْرَةِ كَوْنِهَا لِلْعَطْفِ، بَلْ أَصَالَةِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ لَا يَتِمُّ مَعَ الِاسْتِئْنَافِ إلَّا بِتَقْدِيرٍ، وَلَا قَائِمَ مَقَامَهُ وَعَلَى الْعَطْفِ حَرْفُ الْعَطْفِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُقَدَّرِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَثَلَاثُ أَذْرُعٍ) وَتَحَاذَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى صِلَةٍ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَا مِنْهُ) بِأَنْ يَكُونَا نَافِذَيْنِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفُذَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) نُفُوذًا عَادِيًا، بِحَيْثُ يَتَأَتَّى الِاسْتِطْرَاقُ الْعَادِيُّ. (قَوْلُهُ وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ وَتَبِعَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ سم وَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَعُطِفَ إلَخْ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَجْمَعُ (قَوْلُهُ وَتَحَاذَى الْأَرْفَعُ) وَنَازِلٌ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ مَأْمُومَيْنِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ مُغْلَقًا) مَا لَمْ يُسَمَّرْ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بج. (قَوْلُهُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ) ، وَلَوْ كَانَ الشُّبَّاكُ فِي وَسَطِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ يَضُرَّ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْجِدَارُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْتَدَّ ذَلِكَ الْجِدَارُ، بِأَنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بَعْدَ مُرُورِهِ فِي غَيْرِ الْجِدَارِ فَيَضُرُّ حَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ اهـ ح ل. وَالِازْوِرَارُ أَنْ يَصِيرَ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ وَالِانْعِطَافُ تَفْسِيرٌ لَهُ اهـ ح ف وَح ل، وَاَلَّذِي فِي زي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَأْمُومِ خَلْفَ الشُّبَّاكِ الْمَذْكُورِ وُصُولُهُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، لَكِنَّ كَلَامَ زي هَذَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَفَرْضُ الْكَلَامِ هُنَاكَ أَنْ لَا رَابِطَةَ حِذَاءَ الْمَنْفَذِ، لَكِنْ عِنْدَ الشَّارِحِ لَا بُدَّ فِي هَذِهِ مِنْ الرَّابِطَةِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ ح ل إذَا كَانَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْجِدَارُ إلَخْ قَوْلًا ضَعِيفًا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ) إلَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَرَى مِنْهُ الْمَسْجِدَ، وَبَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحٌ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ صَارَتْ الْقِبْلَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، لِوُجُودِ الرُّؤْيَةِ مَعَ النُّفُوذِ مِنْ الْبَابِ وَإِمْكَانِ الْمُرُورِ بِلَا ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ، بِحَيْثُ تَصِيرُ الْقِبْلَةُ فِي ظَهْرِهِ فَيُشْتَرَطُ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَعَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا اهـ. سم أَيْضًا

وَخَالَفَ الشِّهَابَ عَمِيرَةَ فَقَالَ: إنَّ الِانْحِرَافَ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مُضِرٌّ اهـ، وَقَوْلُنَا: وَبَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحٌ أَيْ غَيْرُ مُغْلَقٍ، وَلَوْ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ دُونَ الِاسْتِطْرَاقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُشَاهَدَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ الشُّبَّاكِ تَدَبَّرْ هَذَا كُلَّهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ سم، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّيَ حِذَاءَ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ، أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ رَابِطَةٌ إنْ كَانَ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، ثُمَّ لَا يَضُرُّ بَعْدَ ذَلِكَ ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ بِغَيْرِ اسْتِدْبَارٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فَوْقَ فَتْحَةِ الشُّبَّاكِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْحِصْنِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ) فِي النَّاشِرِيِّ يُسْتَثْنَى أَيْ مِنْ مَنْعِ الشِّبَاكِ الْقُدْوَةَ مَا لَوْ كَانَ الشُّبَّاكُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ إذَا وَقَفَ الْمَأْمُومُ فِي نَفْسِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ ضَرَرَ هَذَا فَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِ تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ سَهْوٌ) لَكِنَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>