للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا ضَرَّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَتُسْتَثْنَى الرَّجْعِيَّةُ؛ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ (حَتَّى مَنْ سِوَاهَا أَرْبَعَا يَنْكِحُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ (وَالنَّاكِحُ مَنْ لَمْ تُجْمَعَا) أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا أَيْ: الزَّوْجُ أَحَقُّ بِتَغْسِيلِ زَوْجَتِهِ مِمَّنْ يَأْتِي حَتَّى الزَّوْجُ الَّذِي نَكَحَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَمْتَنِعُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا.

(ثُمَّ) بَعْدَ الزَّوْجِ (الرِّجَالُ مِنْ مَحَارِمِ الْمَرَهْ رَتِّبْ) أَنْتَ بَيْنَهُمْ (عَلَى مَا فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَهْ) أَيْ: عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَاوِي بَعْدُ؛ نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا أَمَّا غَيْرُ الْمَحَارِمِ كَابْنِ الْعَمِّ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالْأَحَقِّيَّةُ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِ فَالْكَافِرُ كَالْمَعْدُومِ حَتَّى يُقَدَّمَ الْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى الْقَرِيبِ الْكَافِرِ وَبِعَدَمِ الْقَتْلِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِحَقٍّ بَنَى عَلَى إرْثِهِ مِنْهُ وَهَذَا عَدَّاهُ السُّبْكِيُّ إلَى غَيْرِ غُسْلِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ لِقَاتِلِهِ حَقٌّ فِي غُسْلِهِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا دَفْنِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ زِيَادَتِهِ " يَطْلُبُونَ الْغُسْلَا " إلَى أَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ عِنْدَ الْمُشَاحَحَةِ فَلِلْمُقَدَّمِ التَّفْوِيضُ لِمَنْ بَعْدَهُ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَيِّتِ وَالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ كُلِّهِمْ التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ وَلَا الْعَكْسُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُ الْغُسْلِ لِلرِّجَالِ الْمَحَارِمِ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ لَكِنْ لَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اتِّحَادَ الْجِنْسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّفْوِيضِ وَأَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: هُنَا) مُتَعَلِّقٌ بِأَحَقَّ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ، نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَبِهِ قَدْ يَنْدَفِعُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلٍ عَلَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ كُلِّهِمْ التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفَوِّضُوا إلَيْهِنَّ، لَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ التَّغْسِيلِ فَلِلنِّسَاءِ أَنْ يَتَوَلَّيْنَهُ فَفَرْقٌ بَيْنَ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ فَلَا يَمْتَنِعُ وَلَا يَمْنَعُ تَوَلِّي غَيْرِ الْجِنْسِ حِينَئِذٍ، كَذَا قَالَهُ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ دَفْعُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ فَإِنْ يُحْمَلْ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا أَعْرَضَ النِّسَاءَ فَلَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي التَّفْوِيضِ. (قَوْلُهُ: التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَخْ) أَيْ: خِلَافُ اشْتِرَاطِهِمَا اتِّحَادَ الْجِنْسِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ التَّرْتِيبَ يُسْتَحَبُّ) اسْتِحْبَابُهُ لَا يُنَافِي امْتِنَاعَ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْجَمِيعِ بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فِي مَعْنَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ وَأَنَّ تَغْسِيلَ الزَّوْجِ بِرِضَا مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ إلَخْ) أَيْ: بِبَابِ الْغُسْلِ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ: مُنْفَرِدِينَ أَوْ مُجْتَمِعِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي دَرَجَةُ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ صِفَةً؛ إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ. وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: التَّفْوِيضُ لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ: إيثَارُهُ عَلَيْهِ لَا تَوْكِيلُهُ فِي الْعَمَلِ عَنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ: لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْغُسْلُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: إلَى النِّسَاءِ أَيْ: اللَّاتِي لَهُنَّ الْغُسْلُ كَالزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ أَيْ: لَيْسَ لِلنِّسَاءِ التَّفْوِيضُ إلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ لَهُمْ الْغُسْلُ وَحُكْمُ التَّفْوِيضِ الْآتِي فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَهُوَ الذُّكُورُ فِي الذَّكَرِ وَالْإِنَاثُ فِي الْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ إيثَارُ غَيْرِ جِنْسِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ لَهُ نَوْعُ حَقٍّ فِي التَّقْدِيمِ كَمَا إذَا تَرَكَ الْآنَ حَقَّهُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ تَرَكَتْ الْأُمُّ حَقَّهَا لِلزَّوْجِ مَثَلًا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: وَوَجْهُهُ وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيمُ مَنْدُوبًا أَنَّ التَّقْدِيمَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْنَى كَوْنِ التَّقْدِيمِ مَنْدُوبًا جَوَازَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَإِسْقَاطِ حَقِّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ لِجِنْسٍ، وَأَمَّا إسْقَاطُهُ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَازَ الْإِسْقَاطُ لِلْجِنْسِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ حَقِّ الْمَيِّتِ أَيْضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ فَجُوِّزَ لِلْمُجَانَسَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَالَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا م ر: وَهَذَا التَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ إلَّا فِي التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَوَاجِبٌ. اهـ. أَيْ: إلَّا بِوَصِيَّةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقْلًا عَنْ هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ: الْحَاصِلُ أَنَّ التَّفْوِيضَ لِغَيْرِ الْجِنْسِ بِدُونِ وَصِيَّةٍ يَحْرُمُ وَلِلْجِنْسِ كَذَلِكَ أَيْ: بِدُونِ وَصِيَّةٍ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ إقْدَامَ غَيْرِ الْجِنْسِ بِدُونِ تَفْوِيضٍ وَوَصِيَّةٍ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَإِقْدَامِ الزَّوْجَةِ عَلَى تَغْسِيلِ زَوْجِهَا وَعَكْسُهُ. اهـ. ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَهَا، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>