وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَغْسِيلِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِتَغْسِيلِ أَسْمَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ، وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُقَدَّمِ فِي الْغُسْلِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَدَّمِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إلَى هُنَاكَ لِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ.
(وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ) إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ (إلَّا أَجْنَبِيّ يَمَّمَهَا كَالْعَكْسِ) أَيْ: كَمَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّهَا تُيَمِّمُهُ إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ وَأَوْضَحَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَالْغُسْلُ أَبِي) أَيْ: امْتَنَعَ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ إزَالَتِهَا، كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ: يَجِبُ غُسْلُهُ فِي ثَوْبٍ وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِحَالَةِ وُجُودِ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ خُصُوصًا وَالْأُخْتُ مَوْجُودَةٌ لِنِكَاحِهِ إيَّاهَا بِرّ قَدْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أُخْتٍ قَامَ بِهَا مَانِعٌ كَكُفْرٍ وَقَتْلٍ. (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ) قَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ، وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ. (قَوْلُهُ: يَمَّمَهَا) كَالْعَكْسِ فِي النَّاشِرِيِّ. (تَنْبِيهٌ) آخَرُ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَرْأَةِ فَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ تَغْسِيلِ الرَّجُلِ لَهُ. اهـ. أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ يُمِّمَ، وَكَذَا أَجْنَبِيَّةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ.
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: إطْلَاقُهُمْ) فَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الذِّمِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْلَالُهُمْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ كَانَ بِوَصِيَّةٍ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ إلَخْ) هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِوَصِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْوَالِيَّ وَقَدْ جَزَمَ فِي التَّحْرِيرِ وَالشَّافِي بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَجَانِبِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ) أَيْ: فِي مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ أَوْ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ الْمَاءُ فِيهِ أَوْ بِمَحَلِّ غَيْبَةِ وَلِيِّ النِّكَاحِ. اهـ. ق ل وَشَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ: كَبِيرٌ وَاضِحٌ قَالَهُ حَجَرٌ قَالَ سم: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخُنْثَى إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ يُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ لِلْفَرِيقَيْنِ غَسْلَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَمَّمَهَا كَالْعَكْسِ) وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ الصَّلَاةُ وَخَرَجَ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلِ الْغُسْلِ وَمِثْلُ الدَّفْنِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِفَقْدِ الْمَاءِ) قَالَ سم: اعْتَمَدَ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا مِنْهُمْ حَجَرٌ وَم ر أَنَّ صَلَاةَ الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا حَتَّى إذَا يَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ إنْ كَانَتْ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ فَقَدَ الْمَاءَ التَّيَمُّمُ لَهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى كَوْنِهَا لَا تَفُوتُ بِالدَّفْنِ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ النَّاشِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ الْغُسْلُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ قَرِيبًا لِنُدْرَةِ فَقْدِ الْغَاسِلِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ بَقِيَ مَا إذَا تَيَمَّمَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَصَلَّى بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ دُفِنَ فَهَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ؟ رَاجِعْهُ. اهـ.
وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ فِي كِلْتَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ خِلَافًا الْأَظْهَرُ مِنْهُ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ غُسْلٌ وَلَا بُدَّ لَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ مَا لَوْ تَعَسَّرَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَدُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ تَيَسَّرَ إزَالَتُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ أَيْضًا نَقَلَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْمَاءُ لَا تُزَالُ النَّجَاسَةُ بِالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَوْرَةِ فَلَوْ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَجَبَ إزَالَتُهَا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْغُسْلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ إلَخْ) رَدَّهُ حَجَرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَتَعَذَّرْ إزَالَتُهَا كَمَا هُنَا اهـ وَخَالَفَهُ م ر وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَلْ تَنْدُبُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ وَنَوَى رَفْعَهَا بِهَذَا التَّيَمُّمِ كَفَى وَلَا يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ آخَرَ. اهـ. شَنَوَانِيٌّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُجْزِي لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا سَقَطَ فَكَيْفَ يَنْوِي مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهِ وَيَكْفِي عَنْ الْمَوْجُودِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ انْدِرَاجَهُ؟ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي فَصْلِ: يَحْرُمُ غُسْلُ الشَّهِيدِ وَلَوْ جُنُبًا رُبَّمَا أَوْهَمَ بَقَاءَهُ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا سَقَطَ غُسْلُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ «حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلْهُ» فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا وَلِأَنَّهُ طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ كَغُسْلِ الْمَوْتِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ إلَخْ) هَذَا وَاجِبٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute