أَوْسُقٍ.»
وَقَدْ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصَ النَّخْلُ وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذَ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَقُدِّرَ النِّصَابُ بِإِرْدَبِّ مِصْرَ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبُعٌ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَالسُّبْكِيُّ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، فَقَدْ اعْتَبَرْتُ الْقَدَحَ الْمِصْرِيَّ بِالْمُدِّ الَّذِي حَرَّرْته، فَوَسِعَ مُدَّيْنِ وَسُبْعًا تَقْرِيبًا، فَالصَّاعُ قَدَحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبُعٌ، فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ، فَثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى قَوْلِ الْقَمُولِيِّ سِتُّمِائَةٍ (وَزَائِدٍ) أَيْ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَزَائِدٌ عَلَيْهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الْمُقْتَاتِ كَمَا مَرَّ (جَفَّ وَعَنْ غَيْرٍ نَقِي أَوْ لَمْ يَجِفَّ عَادَةً فَرَطْبَا) أَيْ: يُعْتَبَرُ بُلُوغُ الْمُقْتَاتِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ جَافًّا مُنَقَّى عَنْ غَيْرِهِ مِنْ تِبْنٍ وَقِشْرٍ وَغَيْرِهِمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجِفُّ عَادَةً لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ.
نَعَمْ إنْ كَانَ قِشْرُهُ مِمَّا يُؤْكَلُ مَعَهُ غَالِبًا كَقِشْرِ الذُّرَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ تَقْشِيرُهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجِفُّ عَادَةً اُعْتُبِرَ بُلُوغُهُ ذَلِكَ رَطْبًا مُنَقًّى وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ رَدِيءٌ إذْ رُطُوبَتُهُ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ جَفَافِهِ طَوِيلَةً كَسَنَةٍ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ وَامْتِنَاعِ التَّمَتُّعِ بِهِ طُولَ السَّنَةِ حَتَّى يُوَسَّقَ رَطْبًا، فَلَوْ أَخَذَ السَّاعِي قَدْرَ الْوَاجِبِ مِمَّا يَجِفُّ رَطْبًا لَمْ يَجُزْ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ وَلِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ بَيْعٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَيْعُ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ لَا يَجُوزُ قَالَ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَالَهُ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ.
وَالثَّانِي: يَرُدُّ مِثْلَهُ وَالْخِلَافُ
ــ
[حاشية العبادي]
لِنَفْسِهِ يُوجِبُ تَفَاوُتًا كَبِيرًا.
(قَوْلُهُ الْوَسَطُ) أَيْ فِي الْخِفَّةِ وَالرَّزَانَةِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَمُولِيُّ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: جَفَّ) لَعَلَّهُ حَالٌ مِنْ الْمُقْتَاتِ (قَوْلُهُ مُنَقَّى) عَطْفٌ عَلَى جَفَّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ رَطْبًا حَتَّى مِنْ الَّذِي لَا يَجِفُّ إلَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ سَلِيمَةُ الْعُشْرِ شَائِعًا مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ الْحُلِيُّ الْمُصَاغُ أَقُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الصَّفْحَةِ الرَّابِعَةِ بِرّ
[حاشية الشربيني]
مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَمُولِيُّ: إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَكَايِيلُ الْعُرْفِيَّةُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ فَفِي زَمَنِ الْقَمُولِيِّ كَانَ الْقَدَحُ يَسَعُ مُدَّيْنِ فَالصَّاعُ قَدَحَانِ، وَالنِّصَابُ سِتُّمِائَةِ قَدَحٍ وَهِيَ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبُعُ إرْدَبٍّ وَفِي زَمَنِ السُّبْكِيّ كَانَ الْقَدَحُ يَسَعُ مُدَّيْنِ وَسُبُعَ مُدٍّ فَالصَّاعُ قَدَحَانِ إلَّا سُبُعَيْ مُدٍّ، وَالنِّصَابُ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَهِيَ سِتَّةُ أَرَادِبَّ إلَّا سُدُسَ إرْدَبٍّ وَفِي زَمَنِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ كَانَ الْقَدَحُ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ فَالصَّاعُ قَدَحٌ وَثُلُثُ قَدَحٍ، وَالنِّصَابُ أَرْبَعُمِائَةِ قَدَحٍ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَرَادِبَّ، وَسُدُسُ إرْدَبٍّ وَفِي زَمَنِنَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ الشَّرْقَاوِيُّ الْقَدَحُ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ، وَثُمُنَ مُدٍّ فَالصَّاعُ قَدَحٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانِ مُدٍّ، وَالنِّصَابُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ قَدَحًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَرَادِبَّ فَالْإِرْدَبُّ الْآنَ رُبُعُ نِصَابٍ فَوَزْنُهُ مِنْ الْحُبُوبِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ السَّابِقَةِ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَبِالْمِصْرِيِّ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ رِطْلًا وَسُبُعُ رِطْلٍ (تَنْبِيهٌ) .
الْمُدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالرِّطْلِ الْمَذْكُورِ فَمِقْدَارُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَلْفٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَيَزِيدُونَ النِّصَابَ عَمَّا سَبَقَ ثَمَانَمِائَةِ رِطْلٍ وَسِتَّةً وَعِشْرِينَ رِطْلًا بِالْبَغْدَادِيِّ الْمُرَجَّحِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ فَتَدَبَّرْ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَمُولِيِّ وَالسُّبْكِيِّ لَكِنْ حَكَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ اعْتِمَادَ م ر وز ي مَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ فَلَعَلَّهُمَا لَمْ يُلَاحِظَا مَا قَالَهُ الشَّيْخُ. اهـ.، ثُمَّ رَاجَعْت شَرْحَ م ر فَرَأَيْته مَعَ اعْتِمَادِهِ مَقَالَةَ الْقَمُولِيِّ حَكَى مَقَالَةَ السُّبْكِيّ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ إلَخْ فَمَا ذَاكَ إلَّا لِلطَّعْنِ فِي اعْتِبَارِهِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي تَحْرِيرِهِ الْمُدَّ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ بُلُوغُهُ ذَلِكَ رَطْبًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ فِيهِ الْجَفَافُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَوْلُهُ: إذْ رُطُوبَتُهُ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ عِلَّةٌ لِإِجْزَاءِ الْمُخْرَجِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْجَفَافِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَفَافُ بِالْفِعْلِ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْدِيرُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَفَافٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِالْقِيَاسِ إلَى مَا يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ مَا لَا يَتَحَقَّقُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّجْفِيفِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ مِثْلُ مَا يَجِيءُ مِنْ غَيْرِهِ بِفَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ. اهـ. ع ش وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الشَّارِحِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وم ر وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَصَّلَ فِي الْحَالِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ بُلُوغُ الْمُعَشَّرِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إنْ كَانَ نَخْلًا أَوْ عِنَبًا اُعْتُبِرَ تَمْرًا، أَوْ زَبِيبًا فَإِنْ كَانَ رَطْبًا لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ تَمْرٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُوَسَّقُ رَطْبًا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ بِحَالَةِ الْجَفَافِ وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ بُلُوغُهُ نِصَابًا وَإِنْ كَانَ حَشَفًا وَالثَّانِي بِأَقْرَبِ الْأَرْطَابِ إلَيْهِ وَهَذَا إنْ كَانَ يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ رَدِيءٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَفْسُدُ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَتَعَيَّنُ الْوَجْهُ الْأَصَحُّ وَهُوَ تَوْسِيقُهُ رَطْبًا. اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي مُخَالَفَةِ مَا قَالَهُ ع ش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute