مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ أَوْ لَا، فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَصْحِيحُ رَدِّ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الْغَصْبِ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ هُنَاكَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مِثْلٌ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَحَذَفَ مِنْهُمَا مَقَالَةَ حَمْلِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوْجَهُ مَعْنًى، ثُمَّ مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ قِسْمَةَ الرَّطْبِ بَيْعٌ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهَا إفْرَازٌ وَسَيَأْتِي وَلَوْ جَفَّ عِنْدَ السَّاعِي أَجْزَأَ إنْ كَانَ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ أَوْ أَخَذَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَالْأَوْلَى وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِحَالٍ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ. وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ حَكَى كَلَامَ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخْتَارُ مَا سَبَقَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَعْدِنِ قَبْلَ التَّنْقِيَةِ، ثُمَّ مَيَّزَهُ وَيُخَالِفُ السَّخْلَةَ إذَا كَمُلَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِالصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ الْجِنْسَانِ، فَلَا يُكْمَلُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ النَّوْعِ مَعَ النَّوْعِ كَمَا سَيَأْتِي. وَبِالْمُقْتَاتِ غَيْرُهُ كَالزَّيْتُونِ وَالتِّينِ وَالْقَصَبِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ قُوتًا، وَبِحَالِ الِاخْتِيَارِ الْمُقْتَاتُ حَالَ الضَّرُورَةِ كَحَبِّ الْغَاسُولِ وَالْحَنْظَلِ وَالتُّرْمُسِ وَبِالْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ مَا دُونَهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ عَادَةً مِنْ زِيَادَتِهِ.
(عَشْرٌ) أَيْ: وَفِي جِنْسِ مَا ذُكِرَ عُشْرُهُ إنْ شَرِبَ بِعُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ أَوْ سَقَاهُ بِلَا مُؤْنَةٍ لَهُ كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالسَّيْحِ وَمَا يَجْرِي بِحَفْرٍ كَالْقَنَوَاتِ وَالسَّوَاقِي الْمَحْفُورَةِ مِنْ النَّهْرِ الْعَظِيمِ إذْ مُؤْنَتُهَا لِعِمَارَةِ الضَّيْعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سَقَاهُ حَتَّى غَصْبَا) أَيْ: حَتَّى بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ (بِالنَّضْحِ) أَيْ: بِنَضْحِ النَّاضِحِ أَيْ: سَقْيِهِ (وَالدُّولَابِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَالْمَنْجَنُونِ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ (وَالنَّاعُورِ) وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ (فَنِصْفُهُ) أَيْ: فَوَاجِبُهُ نِصْفُ عُشْرِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَاءَ الْمَوْهُوبَ وَغَيْرَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيهِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ وَفِي الْمَوْهُوبِ عِظَمُ الْمِنَّةِ فِيهِ (وَالسَّقْيَ) بِالنَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَسِّطْ أَيْ: بِسَبَبِهِ (لِلْمَذْكُورِ) أَيْ: لِلْمُقْتَاتِ (بِذَيْنِ) أَيْ: بِالنَّوْعَيْنِ مَعًا كَأَنْ سَقَاهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَبِالنَّضْحِ (قَسِّطْ) أَيْ: وَقَسِّطْ أَنْتَ الْوَاجِبَ عَلَى سَقْيِ الْمُقْتَاتِ بِالنَّوْعَيْنِ عَمَلًا بِوَاجِبِهِمَا (بِاعْتِبَارِ النَّشْوِ) أَيْ: نَشْوِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا، فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَإِنْ كَانَ ثُلُثَا النَّشْوِ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَالثُّلُثُ بِالنَّضْحِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ وَفِي عَكْسِهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ النَّشْوُ دُونَ عَدَدِ السَّقْيَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ حَتَّى لَوْ سُقِيَ خَمْسَ مَرَّاتٍ بِأَحَدِهِمَا وَمَرَّتَيْنِ بِالْآخَرِ وَنَفْعُهُمَا يَعْدِلُ نَفْعَ الْخَمْسِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ (وَالْحَالُ مَهْمَا أَشْكَلَتْ) وَلَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ نَشْوِ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَسَوِّ) بَيْنَهُمَا حَتَّى يَجِبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى وَجْهٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ السَّخْلَةَ إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي السَّخْلَةِ مَوْجُودٌ فِي الرَّطْبِ فَبِهِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَعْدِنِ إذَا قُلْنَا بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي الرَّطْبِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمَعْدِنِ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِمَا. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ بِالصِّفَةِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِالصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَاهُ حَتَّى إلَخْ) إنْ أَرَادَ سَقْيَهُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَلَا تَصِحُّ وَغَيْرُهُ مِمَّا عُطِفَ عَلَيْهِ فَالْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ سَقْيَهُ بِهِ بِوَاسِطَةِ النَّضْحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا عُطِفَ عَلَيْهِ فَلَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ حَتَّى غَصْبًا؛ لِأَنَّ السَّقْيَ بِالْمَذْكُورَاتِ يُوجِبُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَغْصُوبًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ بِسَبَبِهِ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مِثْلِيٌّ) اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَلَوْ أَخَذَ السَّاعِي الرَّطْبَ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَوَجَبَ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ تَلِفَ فَوَجْهَانِ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ، وَالثَّانِي يَرُدُّ مِثْلَهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِثْلِيَّانِ أَمْ لَا؟ (قَوْلُهُ: صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَيْ: فِيمَا نَقَلَهُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ التَّصْحِيحَ. (قَوْلُهُ: إفْرَازًا) أَيْ: لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمَعْدِنِ عِنْدَ الْقَبْضِ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ إلَّا أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ وَمِثْلُ مَا أُخِذَ مِنْ الْمَعْدِنِ أَخْذُهُ الْحَبَّ فِي قِشْرِهِ سم عَلَى التُّحْفَةِ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ إذْ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَكَانَ بَاطِلًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ تَدَبَّرْ، وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّ مَا اُعْتِيدَ مِنْ إعْطَاءِ السَّنَابِلِ لَا يَجُوزُ حِسَابُهُ مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا إنْ صَفَا وَجَدَّدُوا إقْبَاضَهُ لِوُقُوعِ الْأَخْذِ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَهُوَ تَمَامُ التَّصْفِيَةِ وَأَخْذُهُ بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ إقْبَاضِ الْمَالِكِ لَهُ لَا يُجْزِئُ. اهـ. فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ سم أَخْذُهُ الْحَبَّ فِي قِشْرِهِ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ السَّاعِيَ إذَا نَقَّى مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَعْدِنِ فِي تُرَابِهِ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ أَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ أَمْسِكْهُ عَلَى الْوَجْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ النَّشْءِ) أَيْ: مُدَّتِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةٍ إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute