للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَّمَ " كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " هَذَا مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ كُلُّ مَا عُمِلَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمُبَاحَةٌ وَقَدْ ذَكَرْت أَمْثِلَتَهَا وَاضِحَةً فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَمِنْ الْبِدَعِ الْوَاجِبَةِ تَعَلُّمُ أَدِلَّةِ الْكَلَامِ لِلرَّدِّ عَلَى مُبْتَدِعٍ أَوْ مُلْحِدٍ تَعَرَّضَ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَنْدُوبَاتِ بِنَاءُ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطُ وَتَصْنِيفُ الْعِلْمِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالضَّيَاعُ - بِفَتْحِ الضَّادِ - الْعِيَالُ أَيْ مَنْ تَرَكَ عِيَالًا وَأَطْفَالًا يَضِيعُونَ بَعْدَهُ فَلِيَأْتُونِي لِأَقُومَ بِكِفَايَتِهِمْ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي دَيْنَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَخْلُفْ لَهُ وَفَاءً وَكَانَ هَذَا الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَحَبًّا وَلَا يَجِبُ الْيَوْمَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَفِي وُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَلَمْ يَضِقْ عَنْ أَهَمَّ مِنْ هَذَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَسَيَأْتِي كُلُّ هَذَا وَاضِحًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْخَصَائِصِ حَيْثُ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ) لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ احْتِرَازٌ مِنْ الصَّوْمِ (وَقَوْلُهُ) الرَّسُولِ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُهَذَّبِ وَكَذَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ قَالَ الرَّسُولُ بَلْ يُقَالُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ نَبِيُّ اللَّهِ (فَإِنْ قِيلَ) فَفِي الْقُرْآنِ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) (فَالْجَوَابُ) أَنَّ نِدَاءَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْرِيفٌ لَهُ وَتَبْجِيلٌ بِأَيِّ خِطَابٍ كَانَ بِخِلَافِ كَلَامِنَا (وَقَوْلُ) الْمُصَنِّفِ رَوَاهُ الْمُزَنِيّ فِي أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخُطْبَةِ مَعْنَاهُ نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْخُطْبَةِ فَجَعَلَهُ وَاجِبًا

* أَمَّا الْأَحْكَامُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا فُرُوضُ

الْخُطْبَةِ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَاثْنَانِ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا (أَحَدُهَا) حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَمْدِ وَلَا يَقُومُ مَعْنَاهُ مَقَامَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَأَقَلُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ (الثَّانِي) الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يُوهِمُ أَنَّ لَفْظَيْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ لَا يَتَعَيَّنَانِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ وَجْهًا مَجْزُومًا بِهِ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُمَا مُتَعَيِّنَانِ (الثَّالِثُ) الْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ (الصَّحِيحِ) الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَالْجُمْهُورُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَيُّ وَعْظٍ كَانَ

(وَالثَّانِي)

حَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الخراسانيين

<<  <  ج: ص:  >  >>