والمقاصدُ، على أنه ما من إنسانٍ يسعى لتحصيلهَا فيجدُ لذَّتَها عندَ الطَّلبِ إلاَّ وجرَّتْهُ بنفسهَا إلى الإخلاصِ، كما قال مجاهدٌ رحمه الله: طلبْنا هذا العلمَ، وما لنا فيه كبيرُ نيَّةٍ، ثمَّ رزقَ الله بعدُ فيهِ النيَّةَ [أخرجه الدَّارمي بسندٍ حسنٍٍ] .
وأعظمُ العُلوم الَّتِي يُدْرِكُ بها مُرادُالله تعالى ورسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -[علمُ أُصولِ الفقهِ] ، فإنَّ الله تعالى أمرَبتدبُّرِ خِطابِهِ فقالَ:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص:٢٩] ، كما قال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤] ، وقال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء:٨٢] ، وأعظم ما يؤتاه الإنسانُ من المعرفةِ فقهٌ في دينهِ يُعرِّفهُ بمعبودِهِ تبارك وتعالى ويوصلهُ به، وذلك لهُ من المغاليق التي لا تفتحُ إلا بالإخلاص وسؤال الله تعالى التَّوفيق مع بذلِ الجُهدِ في استعمالِ الآلةِ الَّتي هي مفاتيحُ ذلك، والفتحُ فيها علامةٌ على أنَّ الله تعالى أراد الخيرَ بصاحبهَا، كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفقِّهْهُ في الدِّينَ)) [متَّفقٌ عليهِ] .
وتلك الآلةُ هي (أصول الفقهِ) ، فهي مفتاحُ الفقه في الدِّين، لكنْ أرأيتَ إن كان مفتاحُك لا أسنانَ لهُ، أوْ لَهُ أسنانٌ لكنَّهُ لمْ يُصْنعْ لهذا البابِ، أتظنُّ أنْ سيفتحُ لكَ؟ كذلك مفتاحُ الأصولِ، فإنه لا بدَّ له من أسنانٍ، ولا بُدَّ أن يكونَ للفِقْهِ، فإنْ خرَجَ عن هذا الوصفِ فليسَ علمًا