بالشمس يراها ثم يستعرض الشبهات ويمثلها بمن يماريه في رؤيته للشمس، ويجادله في الدليل المفيد لطلوعها، حينئذ يردد قوله عز وجل:{أفي الله شك فاطر السموات والأرض} ، ويردد قوله: آمنت بالله، ويستعيذ بالله من نزغ الشيطان معتصمًا بالله لائذًا بحفظه وكلاءته، متعجبًا من تفاهة شبهته:
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
أما النوع الثاني وهو الأعم الأفشى بين الناس، وعلاجه من أصعب العلاجات لكننا نأتي على ذِكر جملةٍ من الفوائد المهمة المُجتثة لهذا المرض من جذوره.
فاعلم أيها الأريب أن الشهوات في أصلها فطرية قدرية لا فكاك للعبد منها، فهو مفطور على الغضب واللذة وحب الطعام والشراب، غير أن هذه الشهوات رُكزت في الجبلة لغايات هي حفظ النفس بالطعام ورد الاعتداء وصيانة الذات بالغضب وحفظ النسل باللذة (أعني شهوة الفرج) فإذا تعدّت هذه الشهوات غاياتها كانت وبالاً على أصحابها، ولذلك جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التنبيه على حفظ الفرج والبطن واللسان وأنه من أعظم أسباب النجاة والفوز.
فإذا علمت ذلك تبين سلطانك على هذه الشهوات، وأن الله عز وجل قد أمرك في الحقيقة عليها، وأعطاك زمام قيادتها فما عليك إلا ممارسة هذه الإمارة دون خوف أو تباطؤ.