وقد تكلم الإمام ابن الجوزي كلامًا نفيسًا عن هذه الآفات في كتابه "الطب الروحاني" فراجعه هناك نجد علاجات تفصيلية لكل آفة ومرض وحسبنا من الألف شاهد مثال واحد.
لكن ابن القيم رحمه الله يلمس مكمن الداء ويصفه وصفًا دقيقًا ثم يقترح العلاج المناسب فيقول: (واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذ الفكر فيؤديها إلى التذكر فيؤديها إلى الإرادة فتأخذها الإرادة إلى الجوارح والعمل فتستحكم فتصير عادة، فردُّها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها، ومعلوم أنه لم يُعط الإنسان إماتة الخواطر ولا القوة على قطعها وهي تهجم عليه هجوم النفس، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له، على رفع أقبحها وكراهته له ونفرته منه كما قال الصحابة يا رسول الله: إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال:"أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان" وفي لفظ "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" وفيه قولان: أحدهما: أن رده وكراهته صريحُ الإيمان، والثاني: أن وجوده وإلقاء الشيطان له في نفسه صريح الإيمان، فإنه إنما ألقاه في النفس طلبًا لمعارضة الإيمان وإزالته به. وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرَّحا الدائرة التي لا تسكن ولابد لها من شيء تطحنه، فإن وُضع فيها حيُّ طحنته وإن وضع