أن الله قدر لنبيه أنه لم يُخبر بها، والخير كله فيما قَدَّر له، فيستحب اتباعه في ذلك. وفيما قاله بحث ونظر، وذكر في شرح المنهاج ذلك عن الحاوي قال: والحكمة فيها أنها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس فلا يأمن السّلب ومن جهة ألا يأمن الرياء، ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها وذكرها للناس، ومن جهة أنه لا يأمن الحسد فيوقع غيره في المحذور، ويُستأنسُ له بقول يعقوب - عليه السلام -: {يا بني لا تقصص رؤياك على إخواتك} الآية. وهذا هو الأولى في التوجيه. وبالله التوفيق.
الثانية: لا تهمل الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإنها من صميم رسالتك في هذا الوجود، فوق كون هذا الأمر ثمرة النُّسك وتعظيم الأمر والنهي، وتركه مُؤذِنٌ بجعل الطاعات والعبادات بلا طعم أو ثمرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه فتدعونه فلا يستجاب لكم". رواه الترمذي بإسناد صحيح.
وما ثمرة صف الأقدام أمام رب يتجاوز الناس حرماته ويجاهرونه ويبارزونه بالمعصية وأنت لا تغضب له؟