للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد، وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نِقمته وسَطوته، إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعدله، وأنه الذي يقول هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمة والتعالي، فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام.

الثالث: حضور القلب وترك حديث النفس: قيل في تفسير: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} أي بجد واجتهاد، وأخذه بالجد أن يكون متجردًا له عند قراءته منصرف الهمة إليه عن غيره، وقيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن تحدّثُ نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحبُّ غلي من القرآن حتى أحدث به نفسي! وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية. وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم، فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ويستأنس ولا يغفل عنه، ففي القرآن ما يستأنس به القلب إن كان التالي أهلاً له فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره وهو متنزه ومتفرج، والذي يتفرج في المتنزهات لا يتفكر في غيرها، فقد قيل إن القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرائس وديابيج ورياض.

فإذا دخل القارئ الميادين وقطف من البساتين ودخل المقاصير وشهد العرائس ولبس الديابيج وتنزه في الرياض استغرقه ذلك وشغله عما سواه فلم يعزب قلبه ولم يتفرق فكره.

<<  <   >  >>