ولذلك قال الحسن، والله ما أصبح اليوم عبد يتلو القرآن يؤمن به إلا كثر حزنه وقل فرحه وكثر بكاؤه وقل ضحكه وكثر نصبه وشغلُه وقلت راحته وبطالته، وقال وهيب بن الورد: نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد شيئًا أرق للقلوب ولا أشد استجلابًا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره، فتأثر العبد بالتلاوة أن يصبر بصفة الآية المتلوة.
فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته كأنه يكاد يموت، وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح.
وعند ذكر الله صفاته وأسمائه يتطأطأ خضوعًا لجلاله واستشعارًا لعظمته.
وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله عز وجل كذكرهم لله عز وجل ولدًا وصاحبة يغّضُّ الصوت وينكسر في باطنه حياء من قبح مقالتهم. وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقًا إليها.
وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفًا منها، ولما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود:"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا" رأيت عينيه تذرفان بالدمع فقال لي: "حسبك الآن" رواه البخاري، وهذا لأن مشاهدة تلك الحالة استغرقت قلبه بالكلية، ولقد كان من الخائفين من خرّ مغشيًا عليه عند آيات