مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: بَخٍ بَخٍ أَبَا يَحْيَى، إِنْ كُنْتَ كَمَا يَقُولُونَ أَنْتَ الَّذِي يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ أَنَّكَ أَزْهَدُهُمُ اجْلِسْ فَالْآنَ تَمَّتْ أُمْنِيَتِي عَلَى رَبِّي فِي عَاجِلِ الدَّنْيَا، قَالَ صَالِحٌ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَأقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: انْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ غَدًا بَيْنَ يَدَيِّ اللَّهِ فِي مَجْمَعِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ، وَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا صَالِحٌ المُرِّيُّ، قَالَ: أَنْتَ الْفَتَى الْقَارِئُ، أَنْتَ أَبُو بِشْرٍ؟ قَلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأْ يَا صَالِحُ، فَلَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ قِرَاءَتَكَ قَالَ صَالِحٌ: فَحَضَرَنِي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَدْ فَقَدْتُهُ، فابْتَدَأْتُ، فَقَرَأْتُ فَمَا اسْتَتْمَمْتُ الِاسْتِعَاذَةَ حتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ إِفَاقَةً، فَقَالَ: عُدْ فِي قِرَاءَتِكَ يَا صَالِحٌ، فَإِنِّي لَمْ أَقْطَعْ نَفْسِي مِنْهَا وَرُبَّمَا قَالَ صَالِحٌ: وَرَأَيْتُ شَيْئًا عَجِيبًا لَمْ أَرَهُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَعَبِّدِينَ، كَانَ إِذَا سَمِعَ الْقُرْآنَ فَتَحَ فَاهُ، قَالَ: فَعُدْتُ فَقَرَأْتُ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ، قَالَ: فَصَاحَ صَيْحَةً، ثُمَّ انْكَبَّ لِوَجْهِهِ وَانْكَشَفَ بَعْضُ جَسَدِهِ فَجَعَلَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، ثُمَّ هَدَأَ فَدَنَوْنَا مِنْهُ، نَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ قَالَ: فَخَرَجْنَا فَسَأَلْنَا هَلْ لَهُ أَحَدٌ؟ قَالُوا: عَجُوزٌ تَخْدُمُهُ تَأْتِيهِ الْأَيَّامَ، فَبَعَثْنَا إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: مَا لَهُ قُلْنَا: قُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَمَاتَ، قَالَتْ: حَقٌّ وَاللَّهِ، مَنْ ذَا الَّذِي قَرَأَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ صَالِحٌ الْقَارِئُ هُوَ الَّذِي قَرَأَ عَلَيْهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَمَا يُدْرِيكِ مَنْ صَالِحٌ؟ قَالَتْ: لَا أَعْرِفُهُ غَيْرَ أَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ: إِنْ قَرَأَ عَلَيَّ صَالِحٌ قَتَلَنِي قُلْنَا: فَهُوَ الَّذِي قَرَأَ عَلَيْهِ قَالَتْ: هُوَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute