قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ، قَالَ: قَالَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خِفْتُ خَوْفًا شَدِيدًا فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي، وَفَرَّقْتُ عِيَالِي فِي مَوَاضِعَ يَأْمَنُونَ فِيهَا، فَانْتَهَيْتُ إِلَى حَائِطِ عَوْفٍ، فَكُنْتُ فِيهِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَكَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ، وَالْخُلَّةٌ أَبَدًا مَانِعَةٌ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ هَرَبْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: أَبَا مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: الْخَوْفُ. قَالَ: لَا خَوْفَ عَلَيْكَ أَنْتَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى مَنْزِلِكَ قُلْتُ: هَلْ لِي سَبِيلٌ إِلَى مَنْزِلِي، وَاللَّهِ مَا أُرَانِي أَصِلُ إِلَى بَيْتِي حَيًّا حَتَّى أُلْفَى فَأُقْتَلَ أَوْ يَدْخُلُ عَلَيَّ مَنْزِلِي فَأُقْتَلُ، وَإِنَّ عِيَالِي لَفِي مَوَاضِعَ شَتَّى. قَالَ: فَاجْمَعْ عِيَالَكَ فِي مَوْضِعٍ، وَأَنَا أَبْلَغُ مَعَكَ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَبَلَغَ مَعِي، وَجَعَلَ يُنَادِي عَلَى أَنَّ حُوَيْطِبًا آمِنٌ فَلَا يُهَجْ، ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ قَدْ أَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرْتَ بِقَتْلِهِمْ؟» قَالَ: فَاطْمَأْنَنْتُ وَرَدَدْتُ عِيَالِي إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَعَادَ إِلَيَّ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ قَدْ سَبَقْتَ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، وَفَاتَكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَبَقِيَ خَيْرٌ كَثِيرٌ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَوْصَلُ النَّاسِ، وَأَحْلَمُ النَّاسِ شَرَفُهُ شَرَفُكَ، وَعِزُّهُ عِزُّكَ قَالَ: قُلْتُ: فَأَنَا أَخْرُجُ مَعَكَ، فَآتِيهِ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَقَفْتُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ يُقَالُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ حُوَيْطِبٌ» . فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ» . قَالَ: وَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِي، وَاسْتَقْرَضَنِي مَالًا فَأَقْرَضْتُهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، «وَشَهِدْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ، وَأَعْطَانِي مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةَ بَعِيرٍ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute