ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَا أُبَايِعُكَ؟ قَالَ: فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: «عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِيَّاكَ وَالشِّرْكَ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا - أَوْ لَا تُشْرِكْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ» فَقُلْتُ: وَإِنَّ لَنَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَقَبَضَ وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ وَظَنَّ أَنِّي مُشْتَرِطٌ شَيْئًا لَا يُعْطِينِيهِ، فَقُلْتُ: نَحِلُّ مَنْهَا حَيْثُ شِئْنَا وَلَا يَجْنِي امْرُؤٌ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: «ذَلِكَ لَكَ، حُلَّ مَنْهَا حَيْثُ شِئْتَ، وَلَا تَجْنِ عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ» فَبَايَعْنَاهُ ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَيْنِ لَعَمْرُ إِلَهِكَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ وَأَتْقَى النَّاسِ لِلَّهِ فِي الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ» فَقَالَ كَعْبُ بْنُ فُلَانٍ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَنُو الْمُنْتَفِقِ» فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مِنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ مِنْ خَيْرٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ عَرْضِ قُرَيْشٍ: إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقُ فِي النَّارِ، فَكَأَنَّهُ وَقَعَ حَرٌّ بَيْنَ جِلْدِي وَوَجْهِي وَلَحْمِي مِمَّا قَالَ لِأَبِي عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ، فَقُلْتُ: وَأَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَتَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرِ قُرَشِيٍّ أَوْ عَامِرِيٍّ مُشْرِكٍ فَقُلْ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ فَأَبْشِرْ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ وَبَطْنِكَ فِي النَّارِ " فَقُلْتُ،: فَبِمَ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَى عَمَلٍ يَحْسَبُونَ أَنْ لَا دَيْنَ إِلَّا إِيَّاهُ وَكَانُوا يَحْسَبُونَهُمْ مُصْلِحِينَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِي آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيًّا فَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ» هَذَا حَدِيثٌ جَامِعٌ فِي الْبَابِ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute