أعرفه، فقلت: إن أختك بعثت معي بجراب. فاستوى جالسًا، وقال: عجل بها. فكلمته في ذلك فقال: يا أبا شهاب! لا تلمني، فلي ثلاثة أيام لم أذق فيها ذواقًا، فعذرته.
قال ابن سعد: فلما خاف من الطلب بمكة، خرج إلى البصرة، ونزل قرب منزل يحيى بن سعيد ثم حوله إلى جواره، وفتح بينه وبينه بابًا، فكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة، يسلمون عليه، ويسمعون منه. أتاه جرير بن حازم، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، ومرحوم العطار، وحماد بن زيد، وأتاه عبد الرحمن بن مهدي فلزمه، وكان أبو عوانة يسلم على سفيان بمكة فلم يرد عليه فكلم في ذلك فقال: لا أعرفه.، ولما عرف سفيان أنه اشتهر مكانه، ومقامه قال ليحيى: حولني فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور فلم يزل فيه فكلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان، وقال: هذا فعل أهل البدع، وما يخاف منهم. فأجمع سفيان، وحماد على أن يقدما بغداد، وكتب سفيان إلى المهدي، وإلى يعقوب بن داود الوزير فبدأ بنفسه فقيل: إنهم يغضبون من هذا فبدأ بهم فقيل: إنهم يغضبون من هذا. فبدأ بهم، وأتاه جواب كتابه بما يحب من التقريب، والكرامة، والسمع منه، والطاعة فكان على الخروج إليه فحم، ومرض، وحضر الموت فجزع فقال له مرحوم بن عبد العزيز: ما هذا الجزع? فإنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده. فسكن، وقال: انظروا من هنا من أصحابنا الكوفيين. فأرسلوا إلى عبادان فقدم عليه جماعة، وأوصى ثم مات.
وأخرجت جنازته على أهل البصرة فجأة فشهده الخلق، وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، وكان رجلًا صالحًا، ونزل في حفرته هو، وخالد بن الحارث.
أبو هشام الرفاعي:، حدثنا، وكيع قال: دخل عمر بن حوشب الوالي على سفيان فسلم عليه فأعرض عنه فقال: يا سفيان نحن، والله أنفع للناس منك نحن أصحاب الديات، وأصحاب الحمالات، وأصحاب حوائج الناس، والإصلاح بينهم، وأنت رجل نفسك. فأقبل عليه سفيان فجعل يحادثه ثم قام فقال سفيان: لقد ثقل علي حين دخل، ولقد غمني قيامه من عندي حين قام.
قال عبد الرزاق: ما رأيت أحدًا أحفظ لما عنده من الثوري. قيل له: ما منعك أن ترحل إلى الزهري? قال: لم تكن دراهم.
قال يحيى القطان: سفيان الثوري فوق مالك في كل شيء رواها ابن المديني عنه.
قال ابن مهدي: قال لي سفيان: لو كانت كتبي عندي، لأفدتك علمًا، كتبي عند عجوز بالنيل.