للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل شهر أربعة آلاف فبعث إليه أبو عبد الله إنهم في كفاية وليست بهم حاجة فبعث إليه المتوكل إنما هذا لولدك فما لك ولهذا؟ فأمسك أبو عبد الله فلم يزل يجري علينا حتى مات المتوكل.

وجرى بين أبي عبد الله وبين أبي كلام كثير وقال يا عم ما بقي من أعمارنا كأنك بالأمر قد نزل فالله الله فإن أولادنا إنما يريدون إن ياكلوا بنا وإنما هي أيام قلائل وإنما هذه فتنة قال أبي فقلت أرجو إن يؤمنك الله مما تحذر فقال كيف وأنتم لا تتركون طعامهم ولا جوائزهم؟ لو تركتموها لتركوكم ماذا ننتظر؟ إنما هو الموت فإما إلى جنة وإما إلى نار فطوبى لمن قدم على خير قال فقلت أليس قد أمرت ما جاءك من هذا المال من غير إشراف نفس ولا مسألة إن تأخذه؟ قال قد أخذت مرة بلا إشراف نفس فالثانية والثالثة؟ ألم تستشرف نفسك؟ قلت أفلم يأخذ بن عمر وبن عباس؟ فقال ما هذا وذاك! وقال لو أعلم إن هذا المال يؤخذ من وجهه ولا يكون فيه ظلم ولا حيف لم أبال.

قال حنبل ولما طالت علة أبي عبد الله كان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب فيصف له الأدوية فلا يتعالج ويدخل بن ماسويه فقال يا أمير المؤمنين ليست بأحمد علة إنما هو من قلة الطعام والصيام والعبادة فسكت المتوكل.

وبلغ أم المتوكل خبر أبي عبد الله فقالت لابنها أشتهي إن أرى هذا الرجل فوجه المتوكل إلى أبي عبد الله يسأله إن يدخل على ابنه المعتز ويدعو له ويسلم عليه ويجعله في حجره فامتنع ثم أجاب رجاء إن يطلق وينحدر إلى بغداد فوجه إليه المتوكل خلعة وأتوه بدابة يركبها إلى المعتز فامتنع وكانت عليه ميثرة نمور فقدم إليه بغل لتاجر فركبه وجلس المتوكل مع أمه في مجلس من المكان وعلى المجلس ستر رقيق فدخل أبو عبد الله على المعتز ونطر إليه المتوكل وأمه فلما رأته قالت يا بني الله الله في هذا الرجل فليس هذا ممن يريد ما عندكم ولا المصلحة إن تحبسه عن منزله فائذن له ليذهب فدخل أبو عبد الله على المعتز فقال السلام عليكم وجلس ولم يسلم عليه بالإمرة فسمعت أبا عبد الله بعد يقول لما دخلت عليه وجلست قال مؤدبه أصلح الله الأمير هذا هو الذي أمره أمير المؤمنين يؤدبك ويعلمك؟ فقال الصبي إن علمني شيئاً تعلمته قال أبو عبد الله فعجبت من ذكائه وجوابه على صغره وكان صغيراً.

ودامت علة أبي عبد الله وبلغ المتوكل ما هو فيه وكلمه يحيى بن خاقان أيضاً وأخبره أنه رجل لا يريد الدنيا فأذن له في الانصراف فجاء عبيد الله بن يحيى وقت العصر فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>