للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال أستخير الله فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار فيسألونه ويدعون له ويخرجون ويدخل فوج وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق.

وجاء جار لنا قد خضب فقال أبي إني لأرى الرجل يحيي شيئاً من السنة فأفرح به.

فقال لي وجه فاشتر تمراً وكفر عني كفارة يمين قال فبقي في خريقته نحو ثلاثة دراهم فأخبرته فقال الحمد لله وقال اقرأ علي الوصية فقرأتها فأقرها.

وكنت أنام إلى جنبه فإذا أراد حاجة حركني فأناوله وجعل يحرك لسانه ولم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها ولم يزل يصلي قائماً أمسكه فيركع ويسجد وأرفعه في ركوعه.

قال واجتمعت عليه أوجاع الحصر وغير ذلك ولم يزل عقله ثابتاً فلما كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول لساعتين من النهار توفي.

وقال المروذي مرض أحمد تسعة أيام وكان ربما أذن للناس فيدخلون عليه أفواجاً يسلمون ويرد بيده وتسامع الناس وكثروا.

وسمع السلطان بكثرة الناس فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة وأصحاب الأخبار ثم أغلق باب الزقاق فكان الناس في الشوارع والمساجد حتى تعطل بعض الباعة وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه ربما دخل من بعض الدور وطرز الحاكة وربما تسلق وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب.

وجاءه حاجب بن طاهر فقال إن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقال هذا مما أكره وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره.

قال وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر والبرد تختلف كل يوم وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم ودخل عليه شيخ فقال اذكر وقوفك بين يدي الله فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه.

فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين قال ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل قال فجعلوا ينضمون إليه وجعل يشمهم ويمسح رؤوسهم وعينه تدمع وأدخلت تحته الطست فرأيت بوله دماً عبيطاً فقلت للطبيب فقال هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه.

واشتدت علته يوم الخميس ووضأته فقال خلل الأصابع فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وقبض صدر النهار فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت وامتلأت السكك والشوارع.

<<  <  ج: ص:  >  >>