للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو القاسم التنوخي: أخبرنا أبي: حدثني حسين بن عباس عمن حضر مجلس حامد وجاؤوه بدفاتر الحلاج، فيها: إن الإنسان إذا أراد الحج فإنه يستغني عنه بأن يعمد إلى بيت في داره، فيعمل فيها محرابًا، ويغتسل ويحرم، ويقول: كذا وكذا، ويصلي كذا وكذا، ويطوف بذلك البيت، فإذا فرغ فقد سقط عنه الحج إلى الكعبة، فأقر به الحلاج وقال: هذا شيء رويته كما سمعته، فتعلق بذلك عليه الوزير، واستفتى القاضيين: أبا جعفر أحمد بن البهلول، وأبا عمر محمد بن يوسف، فقال أبو عمر: هذه زندقة يجب بها القتل، وقال أبو جعفر: لا يجب بهذا قتل إلَّا أن يقر أنه يعتقده، لأن الناس قد يروون الكفر ولا يعتقدونه، وإن أخبر أنه يعتقده استتيب منه، فإن تاب فلا شيء عليه، وإلا قتل، فعمل الوزير على فتوى أبي عمر على ما شاع وذاع من أمره، وظهر من إلحاده وكفره، فاستؤذن المقتدر في قتله، وكان قد استغوى نصرًا القشوري من طريق الصلاح والدين، لا بما كان يدعو إليه، فخوف نصر السيدة أم المقتدر من قتله، وقال: لا آمن أن يلحق ابنك عقوبة هذا الصالح، فمنعت المقتدر من قتله، فلم يقبل، وأمر حامدًا بقتله، فحم المقتدر يومه ذلك، فازداد نصر وأم المقتدر افتتانًا، وتشكك المقتدر، فأنفذ إلى حامد يمنعه من قتله، فأخر ذلك أيامًا إلى أن عوفي المقتدر، فألح عليه حامد وقال: يا أمير المؤمنين! هذا إن بقي قلب الشريعة، وارتد خلق على يديه، وأدى ذلك إلى زوال سلطانك، فدعني أقتله، وإن أصابك شيء فاقتلني، فأذن له في قتله، فقتله من يومه، فلما قتل قال أصحابه: ما قتل وإنما قتل برذون كان لفلان الكاتب، نفق يومئذ وهو يعود إلينا بعد مدة، فصارت هذه الجهالة مقالة طائفة، قال: وكان أكثر مخاريق الحلاج أنه يظهرها كالمعجزات، يستغوي بها ضعفة الناس.

قال أبو علي التنوخي: أخبرني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي، قال: أخبرني جماعة أن أهل مقالة الحلاج يعتقدون أن اللاهوت الذي كان فيه حال في ابن له بتستر، وأن رجلًا فيها هاشم يقال له: أبو عمارة محمد بن عبد الله قد حلت فيه روح محمد Object وهو يخاطب فيهم بسيدنا.

قال التنوخي الأزرق: فأخبرني بعض من استدعاه من الحلاجية إلى أبي عمارة هذا إلى مجلس، فتكلم فيه على مذهب الحلاج ويدعو إليه، قال: فدخلت وظنوا أني مسترشد، فتكلم بحضرتي والرجل أحول، فكان يقلب عينيه إلي فيجيش خاطره بالهوس، فلما خرجنا قال: لي الرجل: آمنت؟ فقلت: أشد ما كنت تكذيبًا لقولكم الآن، هذا عندكم بمنزلة النبي Object!؟ لم لا يجعل نفسه غير أحول؟ فقال: يا أبله! وكأنه أحول، إنما يقلب عينيه في الملكوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>