والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه، ويحب الأنصار، إلى أشياء لا تحصى مما لا يغني المؤمن عنها قط.
وقال في "السير""١٢/ ٢٨":
قال الحافظ شيخ الإسلام أبو سعيد بن الأعرابي البصري الصوفي: علم المعرفة غير محصور لا نهاية له ولا لوجوده، ولا لذوقه إلى أن قال -ولقد أحسن في المقال: فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع أو الفناء، أو يجيب فيهما، فاعلم أنه فارغ، ليس من أهل ذلك إذ أهلهما لا يسألون عنه لعلمهم أنه لا يدرك بالوصف.
فعقب الذهبي ﵀"١٢/ ٢٨ - ٢٩":
قلت: إي والله، دققوا وعمقوا، وخاضوا في أسرار عظيمة، ما معهم على دعواهم فيها سوى ظن وخيال، ولا الوجود لتلك الأحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلا مجرد خطرات ووساوس، وما تفوه بعبارتهم صديق ولا صاحب، ولا إمام من التابعين. فإن طالبتهم بدعاويهم مقتول، وقالوا: محجوب، وإن سلمت لهم قيادك تخبط ما معك من الإيمان، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال، ورمقت العباد بعين المقت، وأهل القرآن، والحديث بعين البعد، وقلت: مساكين محجوبون فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما التصوف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد ﷺ من الرضا عن الله، ولزوم تقوى الله، والجهاد في سبيل الله، والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر والقيام بخشية وخشوع، وصوم وقت، وإفطار وقت، وبذل المعروف، وكثرة الإيثار، وتعليم العوام، والتواضع للمؤمنين، والتعزز على الكافرين، ومع هذا فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والعالم إذا عري من التصوف والتأله، فهو فارغ، كما أن الصوفي إذا عري من علم السنة، زل سواء السبيل.
وقد كان ابن الأعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئا من اصطلاحات القوم إلا بحجة.