لزاهد المجاهد، أبو عبد الله، محمد الجذامي المغربي.
كان معه عدة رجال أبطال يغير بهم يمنةً ويسرةً، وكانوا يحرثون على خيلهم كما يحرث أهل الثغر، وكان أمير المسلمين ابن تاشفين يمدهم بالمال والآلات، ويبرهم.
ولمردنيش مغازي ومواقف مشهودة وفضائل، وهو جد الملك محمد ابن سعد بن محمد صاحب شرق الأندلس.
فمن عجيب ما صح عندي من مغازيه -يقول ذلك اليسع بن حزم- أنه أغار يومًا، فغنم غنيمةً كثيرة، واجتمع عليه من الروم أكثر من ألف فارس، فقال لأصحابه وكانوا ثلاث مائة فارس: ما ترون? فقالوا: نشغلهم بترك الغنيمة. فقال: ألم يقل القائل: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٦٥]، فقال له ابن مورين: يا رئيس! الله قال هذا. فقال: الله يقول هذا وتقعدون عن لقائهم?! قال: فثبتوا، فهزموا الروم.
ومن غريب أمره أنه نزل ملك الروم ابن رذمير، فأفسدوا الزروع، فبعث يقول له: مثلك لا يرضى بالفساد، ولا بد لك من الانصراف، فأفسد في بلدك في يوم واحد ما لا تفسده في جمعة. فأمر اللعين أصحابه بالكف، وبعث إليه يرغب في رؤيته لسمعته عندهم. قال ابن مورين: فجئنا مع الرئيس، فقدمناه، فأكرمه، وأجلسه إلى جنبه، وجعل يطلع إليه، ويقول