وقد عثر على رسالة كتبها والد ماركس يصف فيها حل ولده بأنه يقضي جل لياليه مرهقاً جسده وعقله في دراسة لا لذة فيها معرضاً عن جميع الملهيات في طلب المشكلات الغامضة ليهدم غداً ما بناه اليوم.
وقد كان ماركس يهمل دروسه ويتقطع عن معهده الأسابيع المتواصلة متابعاً لما شذ من الآراء التي يبنيها اليوم ويهدمها غداً أو باحثاً عن اللذة الجنسية والمتاع الجسدي. وقد شغف أولا بدراسة المذاهب الاقتصادية وحصل على شهادة الدكتوراه بالمراسلة من جامعة جينا الألمانية عام ١٨٤١م.
وكان ماركس أيام حياته الدراسية عالة على أبيه –هرشل- فلما مات أبوه صار عالة على أمه وأخته حتى عجزتا عن مواصلة الإنفاق عليه، فصار يلجأ إلى الاستدانة من أقربائه وأصدقاءه وبخاصة من - انجلز - قرينه في الدعوة على الشيوعية.
وكان أصدقائه إذا ضاقوا من طلباته حاولوا أن يكلفوه ببعض الأعمال التي قد تدر عليه بعض الرزق ولكنه كان يبوء بالفشل في كل عمل يسند إليه.
وكان ماركس قد تعرف على فتاة بارعة الجمال أثناء دراسته للحقوق في جامعة بون تدعى جيني ولم يكن أحد قد اشتم منه رائحة نزعته الشيوعية إلى ذلك الحين وكان عمره لا يتجاوز العشرين. وقد وقعت الفتاة في قلبه وهام بها، ولم يكن في أول أمره ذلك يفكر في الزواج منها نظراً لأنها من طبقة فوق طبقته أهله، والتقاليد تقف حجر عثرة في سبيله غير أن الفتاة بادلته الحب ورغبت في الزواج منه ولم تعبأ بالفوارق الطبقية التي توجد بينهما.
وقد بذل ماركس وجيني كل ما يستطيعان لتحقيق حلمهما في الاقتران الرسمي وتمكين عواطفهما المشبوبة من الحصول على ثمرة طويلة، حتى تمكنا من ذلك إذ أعلنت الفتاة في عزم وإصرار أنها لن تتخلى عن ماركس مهما كانت الفوارق الطبقية بينهما، وأنها راضية به على أية حال.
وعلى الرغم من تحقيق هذا الحلم فقد بدأ ماركس يشعر بالحقد الثائر نحو نظام الطبقات الذي كاد يحول بينه وبين حبيبته جيني، وقد بدأت مشكلة المعاش له ولزوجته تتعقد أمام ماركس فقد زادت نفقاته ولم يتحسن إنتاجه ولا سيما بعد أن صار ذا أولاد.
وقد صورت زوجته جيني ماصارت إليه هي وزوجها من البؤس في كتاب إلى صديق لها تطلب منه أن يمد لها يد المساعدة قالت فيه: