وحينما انتهى سفير قريش من هذا الخطاب يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"انتهيت يا عم؟ ثم يقرأ أول سورة فصلت حتى يبلغ {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} .
وحينئذ تتسرب أنوار الحقيقة إلى قلب ذلك السفير ويخاف على نفسه فيضع يده على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: "ناشدتك الرحم أن تكف". ثم يأتي إلى قومه وينصحهم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول:
" إن لكلامه لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليس من كلام البشر".
وهل علم ماركس والماركسيون قصة الملأ من قريش حينما اجتمعوا في بيت أبي طالب يقولون له:
"إما أن تنهى محمداً عن تسفيه أحلامنا، وتضليل معتقداتنا أو تخلى بيننا وبينة" حتى يقول له عمه:
"يا ابن أخي لو أبقيت على نفسك فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه".
وهل يظن ماركس والماركسيون الملأ من قوم فرعون هم الذين أوحوا إلى رسول الله موسى عليه السلام بالدين الفذي جاءهم به ودعاهم إليه فيقول فرعون: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ؟} فيقول: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} .
فيقول لمن حوله: {أَفَلا تَسْمَعُونَ؟}
حتى يقول موسى: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} فيقول فرعون: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} . فيقول موسى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} حتى يقول فرعون: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} فيقول موسى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} .
وهل يظن ماركس والماركسيون أن الملأ من قوم فرعون أو من بني إسرائيل هم الذين أوحوا إلى موسى بتحريم المراباة وأن يقاد للنفس بالنفس، والعين بالعين، والأذن بالأذن والسن بالسن، وأن الجروح قصاص.
وهل يظن ماركس أن أغنياء اليهود والرومان هم الذين أوحوا إلى عيسى بن مريم حتى جاء بالإنجيل وهو الذي أثر عنه أنه يقول:
"إن دخل إلى مجمعكم رجل واحد بخواتيم الذهب في لباس بهي ودخل معه فقير بلباس وسخ فنظرتم إلى اللابس اللباس البهي وقلتم له:
- أجلس هنا حسناً.