ولا نذهب بعيدا لنراجع نحن أو غيرنا في ذلك حوادث التاريخ وإنما نلقي نظرة عابرة على واقع الحكومة في (المجتمع الشيوعي) فالمعروف الذي لا يشك فيه من عنده أدنى إطلاع أن الحكومة في بلاد الشيوعيين ومن ينحو نحوها تسير في طريق (الدكتاتورية) إلى حد لا نظير له في المجتمعات الأخرى: فمن مقررات ستالين: "أن تقرير المصير لأي فرد أو أمة أو جماعة يجب ألا يتضارب مع حق الحزب الذي يمثل الجماهير الكادحة في أن يحكم حكما دكتاتوريا".
بين الشيوعية والاشتراكية
يستعمل الكثيرون الشيوعية والاشتراكية على معنى واحد غير أن بعض الناس يفرق بين الاشتراكية والشيوعية في الجملة من وجوه:
١- أن الاشتراكية هي الخطوة الأولى للشيوعية.
٢- أن الاشتراكية لا تمانع في قيام حكومة من طبقة العمال والفلاحين بخلاف الشيوعية الحقيقية فإنها لا تجيز أي نوع من الحكومات.
٣- أن الشيوعية لا تبيح أي نوع من الملكيات بخلاف الاشتراكية فإنها تجيز وجود بعض الملكيات الفردية في حدود ضيقة وعلى قواعد تؤدي في النهاية إلى تلاشي هذه الملكيات.
الإسلام والاشتراكية
هذا ولم يزعم زاعم – مهما كان أن الإسلام والشيوعية قد يلتقيان، فلم نسمع إلى الآن صوتا واحدا يقول (أن الإسلام لا يتنافى مع الشيوعية) إذا أصل الشيوعية هو إنكار الألوهية والدين وإنما سمعنا أن بعض الناس – قد يكونون من المنتسبين للإسلام أو للعلم – يزعمون أن الإسلام لا يتنافى مع الاشتراكية وقد يتعامون عن أن الاشتراكية مذهب، خاص ذاتية هذا المذهب تخلف ذاتية الإسلام في روحه وصورته، كما يتجاهلون أن الإسلام دين الله الحق قد أتى بجميع ما يسعد الناس في معاشهم ومعادهم.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك بابا من أبواب الخير إلا دل الناس علية ولا بابا من أبواب الشر إلا حذر الناس عنه بيد أنهم يقولون: أن بعض نصوص القرآن كقوله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} . وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الناس شركاء في ثلاثة في الماء، والنار، والكلأ". تدل على صحة المذهب الاشتراكي