للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَمَلَتْ أَوَّلَ الشَّاءِ، وَقَدْ أَخْدَجَتْ وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ، فَقَالَ: ادْعُ بِهَا، فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِمَجْنٍ فَحَلَبَ فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ حَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِيَ، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ؟ قَالَ: "أَتَكْتُمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ صَابِئٌ، قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ"، قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَأَنَا مُتَّبِعُكَ، قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ يَوْمَكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنِّي قَدْ ظَهَرْتُ فَائْتِنَا" ١.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ، كُنَّا نَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَنَجْلِسُ لَهُ بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ، نَلْجَأُ إِلَى ظِلُّ الْجُدُرِ حَتَّى تَغْلِبَنَا عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا، حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسْنَا كَمَا كُنَّا نَجْلِسُ، حتى إذا رجعنا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَنَادَى: يَا بُنَيَّ قَيْلَةُ هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ، فَخَرَجْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَنَاخَ إِلَى ظِلٍّ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَيُّهُمَا أَسَنُّ، هُمَا فِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ، حَتَّى رَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ يَنْحَازُ لَهُ عَنِ الظِّلِّ، فَعَرَفْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَامَ فَأَظَلَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِدَائِهِ، فَعَرَفْنَاهُ٢.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ وَسَّاجٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ، يَعْنِي الْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ٣ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ٤. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حديث محمد بن حمير.


١ أخرجه البزار كما في "زوائد مسند البزار" "١٣٤٢".
٢ إسناده محتمل للتحسين: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "١/ ٤٣٨" وعبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ذكر ابن حبان في "الثقات" "٥/ ٧٥" إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ أشمط: اختلط سواد شعره ببياضه.
٤ صحيح: أخرجه البخاري "٣٩١٩" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.