للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٣٥ - حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ، حدثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشيباني، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عن أم هاني رَضِيَ الله عَنْها، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ، فَجَلَسَ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَعَرْتُ أَنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فأتاني جبريل عليه السلام، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، مُضْطَرِبِ الأذنين، فركبت، وكان يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَنِي فِي هُبُوطٍ، طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا أَخَذَنِي فِي صُعُودٍ، طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يداه، وجبريل عليه السلام لَا يَفُوتَنِي، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ، فَقَالَ لي جبريل عليه السلام: شَرِبْتَ اللَّبَنَ وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ. ثُمَّ رَكِبْتُهُ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وصليت بِهِ الْغَدَاةَ، قَالَتْ: فتعلقت بردائه [وقلت] : أَنْشُدُكُ اللَّهَ يَا ابْنَ عَمِّ! أَنْ تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَيْشًا، فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صدقك. فضرب بيده عَلَى رِدَائِهِ، فَانْتَزَعَهُ مِنْ

⦗٢٨٠⦘ يَدِي، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكْنَةٍ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ، فَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عند فؤاده كاد يَخْطَفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً. فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ. فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْلَكِ! اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ: وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ! فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مغيرة، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بيت المقدس، فنشر لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ: مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ، وموسى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام وصليت بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ: صِفْهُمْ لِي! فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما عيسى عليه السلام فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ، عريض الصَّدْرِ، ظَاهِرُ الدَّمِ، جَعْدُ الشَّعْرِ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ، / كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ. وأما موسى عليه السلام فَضَخْمٌ آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ، خَارِجُ اللِّثَةِ، عَابِسٌ. وأما إبراهيم عليه السلام فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا وَخَلْقًا. قَالَ: فَضَجُّوا، وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ: كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ كَانَ أَمَمًا غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ، أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، نَصْعَدُ شَهْرًا، وَنَنْحَدِرُ شَهْرًا تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا أُصَدِّقُكَ وَمَا كان الذي تقوله قَطُّ. وَكَانَ

⦗٢٨١⦘ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَهَدَمَهُ، وَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْه: يَا مُطْعِمُ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ! جَبَهْتَهُ! وَكَذَّبْتَهُ! أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ. فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! فَصِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قَالَ: دَخَلْتُهُ لَيْلًا وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا. فأتاه جبريل عليه السلام فَصَيَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْه يَقُولُ: صَدَقْتَ، صَدَقْتَ. قالت نبعة رَضِيَ الله عَنْها: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنِّي قَدْ سميتك الصِّدِّيقَ، قَالُوا: يَا مُطْعِمُ! دَعْنَا نَسْأَلُهُ عما هو أغنى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ، قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ، فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ، لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذلك، قالوا: هذا وَالْإِلَهِ آيَةٌ. ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ، فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ، وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ، عَلَيْهِ جَوَالِقُ مَخِيطٌ بِبَيَاضٍ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ، أَمْ لَا، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالُوا: هَذِهِ

⦗٢٨٢⦘ وَالْإِلَهِ آيَةٌ. ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ، يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أورق، هِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ.

فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: سَاحِرٌ! فَانْطَلَقُوا، فَنَظَرُوا، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمُوهُ بِالسِّحْرِ، وَقَالُوا: صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا جَعَلْنَا الرءيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القرءان} .

قُلْتُ لأم هانئ رَضِيَ الله عَنْها مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَتِ: الَّذِينَ خُوِّفُوا فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا وَكُفْرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>