٤٥٠٧ -[١] وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى رَاوِي مُسْنَدِ مُسَدَّدٍ فِيمَا زَادَ فِيهِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ، ثنا مُنْتَصِرُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: وَجَّهَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ الله عَنْه نَضْلَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ الله عَنْه فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَأَغَارُوا عَلَى حُلْوَانَ فافتتحها، فَأَصَابَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَسَبْيًا كَثِيرًا، فجاؤوا يَسُوقُونَ مَا مَعَهُمْ وَهُمْ بَيْنَ جبلين، حتى أرهقتهم الْعَصْرُ، فَقَالَ لَهُمْ نَضْلَةُ رَضِيَ الله عَنْه: اصْرِفُوا إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَامَ نَضْلَةُ رَضِيَ الله عَنْه فَنَادَى بِالْأَذَانِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، فَأَجَابَهُ صَوْتٌ مِنَ الْجَبَلِ لَا يُرَى مَعَهُ صُورَةٌ، كَبَّرْتَ كَبِيرًا يَا نَضْلَةُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: أَخْلَصْتَ يَا نَضْلَةُ إِخْلَاصًا، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: نَبِيٌّ بُعِثَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، قَالَ: حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: فَرِيضَةٌ فُرِضَتْ، قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: أَفْلَحَ مَنْ أَتَاهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَالَ: الْبَقَاءُ لَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رؤوسها تَقُومُ السَّاعَةُ، فَلَمَّا صَلُّوا، قَامَ نَضْلَةُ رَضِيَ الله عَنْه فَقَالَ: أَيُّهَا الْكَلَامَ الْحَسَنَ الطَّيِّبَ الْجَمِيلَ قَدْ سَمِعْنَا كَلَامًا حَسَنًا، أَفَمِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ أَنْتَ، أَمْ طَائِفٌ، أَمْ سَاكِنٌ؟ ابْرُزْ لَنَا فَكَلِّمْنَا، فَإِنَّا وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَفْدُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فبرز له شَيْخٌ مِنْ شِعْبٍ مِنْ تِلْكَ الشِّعَابِ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ هامة كأنها رحى، طَوِيلُ اللِّحْيَةِ فِي طِمْرَيْنِ مِنْ صُوفٍ أَبْيَضَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَالَ لَهُ نَضْلَةُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا زَرْنَبُ بْنُ ثَرْمَلَا
⦗٤٠٦⦘ وَصِيُّ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عِيسَى بن مريم، دعالي بِالْبَقَاءِ إِلَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَرَارِي فِي هَذَا الْجَبَلِ، فَاقْرَأْ عَلَى عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ الله عَنْه السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: اثْبُتْ وَسَدِّدْ وَقَارِبْ، فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدِ اقْتَرَبَ، وَإِيَّاكَ يَا عُمَرُ، إِنْ ظَهَرَتْ خِصَالٌ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ فِيهِمْ، فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ، فَقَالَ نَضْلَةُ رَضِيَ الله عَنْه يَا زَرْنَبُ! رَحِمَكَ اللَّهُ، أخبرنا بِهَذِهِ الْخِصَالِ، نَعْرِفُ بِهَا ذَهَابَ دُنْيَانَا وَإِقْبَالَ آخِرَتِنَا، قَالَ: " إِذَا اسْتَغْنَى رِجَالُكُمْ بِرِجَالِكُمْ، وَنِسَاؤُكُمْ بنساؤكم، وَكَثُرَ طَعَامُكُمْ فَلَمْ يَزْدَدْ سِعْرُكُمْ بِذَلِكَ إِلَّا غَلَاءً، وَكَانَتْ خِلَافَتُكُمْ فِي صِبْيَانِكُمْ، وَكَانَ خُطَبَاءُ مَنَابِرِكُمْ عَبِيدَكُمْ، وَرَكَنَ فُقَهَاؤُكُمْ إِلَى وُلَاتِكُمْ، فَأَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ، وَأَفْتَوْهُمْ بِمَا يَشْتَهُونَ، وَاتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَلْحَانًا، وَمَزَامِيرَ بِأَصْوَاتِهِمْ، وَزَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وَأَطَلْتُمْ مَنَابِرَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَرَكِبَتْ نِسَاؤُكُمُ السُّرُوجَ، وَكَانَ مُسْتَشَارُ أَمِيرِكُمْ خِصْيَانُكُمْ، وَقُتِلَ الْبَرِيءُ لتوعظ بِهِ الْعَامَّةُ، وَبَقِيَ الْمَطَرُ قَيْظًا، وَالْوَلَدُ غَيْظًا، وَحُرِمْتُمُ الْعَطَاءُ، وأخذه الْعَبِيدُ وَالسُّقَّاطُ، وَقَلَّتِ: الصَّدَقَةُ حَتَّى يَطُوفَ المسكين من حول إلى حول لَا يُعْطَى عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ نَزَلَ بِكُمُ الْخِزْيُ وَالْبَلَاءُ "، ثُمَّ ذَهَبَتِ الصُّورَةُ فَلَمْ تُرَ، فَنَادَوْا فَلَمْ يُجَابُوا، فَلَمَّا قَدِمَ نَضْلَةُ عَلَى سَعْدٍ رَضِيَ الله عَنْه أَخْبَرَهُ بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَبِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ زَرْنَبَ، فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْه يُخْبِرُهُ، ⦗٤٠٧⦘ فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه: لِلَّهِ أَبُوكَ سَعْدٌ! ارْكَبْ بِنَفْسِكَ حَتَّى تَأْتِيَ الْجَبَلَ، فَرَكِبَ سَعْدٌ رَضِيَ الله عَنْه حَتَّى أَتَى الْجَبَلَ، فَنَادَى أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَلَمْ يُجَابُوا، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه، وَانْصَرَفُوا.
هَذَا مَوْقُوفٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوجه، ما رأيت بِطُولِهِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
[٢] وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الراسي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه، فَذَكَرَهُ وَلَيْسَ بِطُولِهِ، وَسَمَّى الْأَمِيرَ نَضْلَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَوَقَعَ لَنَا بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَسَمَّى جَعْوَنَةَ بْنَ نَضْلَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ شَرَحْتُ أَمْرَهُ فِي تَرْجَمَةِ جَعْوَنَةَ فِي حَرْفِ الْجِيمِ مِنْ كِتَابِي في الصحابة رَضِيَ الله عَنْهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute