وأزيد على ما ذكره المعلمي حول إسناد هذا الحديث والإمام البيهقي في ذكره الزيادات الإسنادية ثم تضعيفه إياها وسكوته عليها فأقول: إن هذا الإسناد الذي تكلم عليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في تاريخه الكبير بقوله: "وقال بعضهم عن أبي هريرة عن كعب وهو أصح" إن حكمه على هذا الإسناد بالأصحية يدل على أن رواية مسلم التي صرح فيها أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم شاذة في نظر البخاري رحمه الله تعالى، ولكن أين هذه الرواية التي أشار إليها بالأصحية ومن أخرجها من أصحاب الكتب الستة وغيرهم، والبخاري رحمه الله تعالى لم يخرجها في الجامع الصحيح ولا في غيره من الكتب، ولقد فتشت عنها كثيرا في كتب الحديث المطبوعة التي بين يديّ والمخطوطة فلم أقف عليها، وكذا في كتب التراجم والسير والتاريخ والتفسير ولم يشر إليها أحد من المحدثين، ما عدا الإمام البخاري رحمه الله تعالى، ولم يعلل الإمام علي بن عبد الله المديني هذا الإسناد بما علل به تلميذه الرشيد رحمهما الله تعالى، والبخاري يقول في حق شيخه هذا كما نقل هذا المزي في تهذيب الكمال والحافظ في التهذيب وغيرهما من أئمة الحديث:"ما اصتغرت نفسي إلا عند ابن المديني فإنه خلقه الله تعالى للحديث" والإسناد قد صححه جملة كبيرة من المحدثين كما مضى، وأما قول الإمام البيهقي في الأسماء والصفات عند رده على ابن المديني، وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحي إلخ: فاستعماله كلمة "زعم" رد واضح وإنكار ظاهر، وكيف لا، وقد كان إسماعيل بن أمية معاصراً لأيوب بن خالد الأنصاري، ولم يكن متهماً بالتدليس، ولا بالإرسال الخفي وليس هناك انقطاع، فيما علمت، ولو كان هناك شيء لأشار إليه البخاري في تاريخه الكبير، ولهذا صحح الإسناد جملة كبيرة من أهل الفن كما نقل عنهم، وأما الزيادات التي أشار إليها الإمام البيهقي في هذا الإسناد فإنها زيادة في متصل الأسانيد كما لا يخفى مع ضعفها كما أشار إليها الإمام البيهقي رحمه الله تعالى، والضعف محتمل في نظره رحمه الله تعالى، وفي نظر أهل الفن خصوصا متابعة موسى بن عبيدة الربذي لإسماعيل بن أمية عن شيخه أيوب بن خالد الأنصاري، واكتفى بهذا القدر بما يتعلق بإسناد خبر أبي هريرة رضي الله عنه، وهو إسناد صحيح كما اشترطه مسلم في صحيحه كما ظهر لك في هذه الدراسة المتواضعة التي تتعلق بقولي الإمام علي بن عبد الله المديني والإمام البخاري رحمه الله تعالى وعدم اتفاقهما على علة واحدة في تضعيف الإسناد فهناك دليل قوي على تفوق جانب المصححين قوة ورجحانا وهم أكثر والله تعالى أعلم بالصواب.