وصعاليك العرب: ذؤبانها. وكان عروة بن الورد يسمى عروة الصعاليك؛ لأنه كان يجمع الفقراء في حظيرة فيرزقهم مما يغنم".
من هذا النص اللغوي الذي سجله ابن منظور في لسان العرب، والذي سجل مثله غيره من علماء اللغة في معاجمهم، نستطيع أن نتبين أصلا عاما للمادة تشترك فيه معانيها المختلفة، وتدور حوله، وهو -عندي- الضمور والانجراد١. ونستطيع في سهولة ويسر أن نرد كل معاني المادة إلى هذا الأصل العام:
فالإبل تتصعلك إذا انجردت أوبارها وطرحتها.
والخيل تتصعلك إذا دقت وطار عفاؤها عنها.
والبقل يصعلك الإبل أي يسمنها، وهذا السمن يجعلها تطرح أوبارها وتتجرد منها.
والمصعلك من الأسنمة الذي يبدو كأنما فتلت أعلاه وأضمرته.
وهو يصعلك الثريدة أي يجعل لها رأسا، أو يرفع رأسها، كأنها أضمر أعلاها.
ومن مصعلك الرأس أي صغيرة وضامرة.
وهو يتصعلك أي يفتقر كأنما تجرد من ماله، وبدأ ضامرا بين الناس.
فالصعلكة إذن -في مفهومها اللغوي- الفقر الذي يجرد الإنسان من
١ نحن في هذا نخالف ابن دريد فيما يذهب إليه من أن "أصل الصعلكة الفقر" "انظر جمهرة اللغة: باب ما جاء على "فعلول" ٣/ ٣٨٣ - وانظر أيضا الاشتقاق/ ١٧٠"، ونرى أن الفقر ليس أصلا للمادة، ولكن الطور المعنوي في معناها الذي يأتي بعد الطور الحسي. ويؤيدنا فيما نذهب إليه ما يراه ابن فارس من أن "الصاد والعين واللام أصيل يدل على صغر وانجراد" "انظر مقاييس اللغة ٣/ ٢٨٦"، وهذه الحروف الثلاثة هي أصل مادة "صعلك"، وبين المادتين تشابه في معانيهما، فالصعل: الصغير الرأس من الرجال والنعام، وحمار صعل أي ذاهب الوبر.