للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرا من ألفاظها مكرر كالرحمن والرحيم وإياك والصراط وعليهم، وقيل: لاشتمالها على الثناء على الله تعالى والقولان كما ترى، وقيل ونسب إلى ابن عباس ومجاهد أن إطلاق المثاني على الفاتحة لأن الله سبحانه استثناها وادخرها لهذه الأمة فلم يعطها لغيرهم، وروي هذا الادخار في غيرها أيضا وفي غيرها أن ذلك لأنه تكرر قراءته وألفاظه أو قصصه ومواعظه أو لما فيه من الثناء عليه تعالى بما هو أهله جل شأنه أو لأنه مثنى عليه بالبلاغة والإعجاز أو يثنى بذلك على المتكلم به، وعن أبي زيد البلخي أن إطلاق المثاني على ذلك لأنه يثني أهل الشر عن شرهم فتأمل، وجوز أن يراد بالمثاني القرآن كله وأخرج ذلك ابن المنذر وغيره عن أبي مالك وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في توجيه إطلاقها عليه مع الاختلاف في الإفراد والجمع، وأن يراد بها كتب الله تعالى كلها- فمن- للتبعيض وعلى الأول للبيان وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ بالنصب

عطف على سبعا فإن أريد بها الآيات أو السور أو الأمور السبع التي رويت عن زياد فهو من عطف الكل على الجزء بأن يراد بالقرآن مجموع ما بين الدفتين أو من عطف العام على الخاص بأن يراد به المعنى المشترك بين الكل والبعض وفيه دلالة على امتياز الخاص حتى كأنه غيره كما في عكسه وإن أريد بها الأسباع فهو من عطف أحد الوصفين على الآخر كما في قوله: إلى الملك القرم وابن الهمام. البيت، بناء على أن القرآن في نفسه الأسباع أي ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم، واختار بعضهم تفسير الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ كالسبع المثاني بالفاتحة لما

أخرجه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته»

وفي الكشف كونهما الفاتحة أوفق لمقتضى المقام لما مر في تخصيص الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ [الحجر: ١] بالسورة وأشد طباقا للواقع فلم يكن إذ ذاك قد أوتي صلى الله عليه وسلم كله اه، وأمر العطف معلوم مما قبله. وقرأت فرقة «والقرآن» بالجر عطفا على الْمَثانِي، وأبعد من ذهب إلى أن الواو مقحمة والتقدير سبعا من المثاني القرآن العظيم لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ لا تطمع بنظرك طموح راغب ولا تدم نظرك إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ من زخارف الدنيا وزينتها أَزْواجاً مِنْهُمْ أصنافا من الكفرة اليهود والنصارى والمشركين، وقيل: رجالا مع نسائهم، والنهي قيل له صلى الله عليه وسلم وهو لا يقتضي الملابسة ولا المقاربة، وقيل: هو لأمته وإن كان الخطاب له عليه الصلاة والسلام، وأيد بما أخرجه ابن جرير. وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الآية: نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه نعم كان صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية شديد الاحتياط فيما تضمنته، فقد أخرج أبو عبيد. وابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير أنه عليه الصلاة والسلام مر بإبل لحي يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق قد عنست في أبوالها وأبعارها من السمن فتقنع بثوبه ومر ولم ينظر إليها لقوله تعالى: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية، ويعد نحو هذا الفعل من باب سد الذرائع. ومنهم من أيد الأول بهذا وبدلالة ظاهر السياق عليه، وحاصلها مع ما قبل قد أوتيت النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة فعليك أن تستغني بذلك ولا ترغب في متاع الدنيا، وجعل من ذلك

قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»

بناء على أن «يتغن» من الغنى المقصور كيستغني وليس مقصورا على الممدود، ويشهد لذلك ما

في الحديث الصحيح في الخيل «وأما التي هي له ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا»

وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا. وقد أخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة ما هو بمعناه، وقال العراقي: إن الخبر مروي لكن لم أقف على روايته عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه في شيء من كتب الحديث.

وحكى بعضهم في سبب نزول الآية أنه وافت من بصرى وأذرعات سبع قوافل لقريظة والنضير في يوم واحد فيها أنواع من البر والطيب والجواهر فقال المسلمون: لو كانت لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى فنزلت،

<<  <  ج: ص:  >  >>