للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرويها من بعض الطرق عن شيخي علاء الدين علي أفندي الموصلي عن شيخه ووالده صلاح الدين يوسف أفندي الموصلي عن شيخه خاتمة المرشدين السيد علي البندنيجي عن نبي الله تعالى الخضر عليه السلام عن الولي الكامل الشيخ عبد السلام بن بشيش قدس سره. وعن الثامن بأنا لا نسلم أن القول بعدم إرساله صلّى الله عليه وسلّم إليه عليه السلام كفر، وبفرض أنه ليس بكفر هو قول باطل إجماعا، ونختار أنه أتى وبايع لكن باطنا حيث لا يشعر به أحد وقد عده جماعة من أرباب الأصول في الصحابة، ولعل عدم قبول روايته لعدم القطع في وجوده وشهوده في حال رؤيته وهو كما ترى.

وعن التاسع بأنه مجازفة في الكلام فإنه من أين يعلم نفي ما ذكره من حضور الجهاد وغيره عن الخضر عليه السلام مع أن العالم بالعلم اللدني لا يكون مشتغلا إلا بما علمه الله تعالى في كل مكان وزمان بحسب ما يقتضي الأمر والشأن، وتعقب بأن النفي مستند إلى عدم الدليل فنحن نقول به إلى أن يقوم الدليل ولعله لا يقوم حتى يقوم الناس لرب العالمين، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في العلم اللدني والعالم به، وبالجملة قد ظهر لك حال معظم أدلة الفريقين وبقي ما استدل به البعض من الاستصحاب. وأنت تعلم أنه حجة عند الشافعي والمزني وأبي بكر الصيرفي في كل شيء نفيا وإثباتا ثبت تحققه بدليل ثم وقع الشك في بقائه إن لم يقع ظن بعدمه، وأما عندنا وكذا عند المتكلمين فهو من الحجج القاصرة التي لا تصلح للإثبات وإنما تصلح للدفع بمعنى أن لا يثبت حكم وعدم الحكم مستند إلى عدم دليله والأصل في العدم الاستمرار حتى يظهر دليل الوجود فالمفقود يرث عنده لا عندنا لأن الإرث من باب الإثبات فلا يثبت به ولا يورث لأن عدم الإرث من باب الدفع فيثبت به، ويتفرع على هذا الخلاف فروع أخر ليس هذا محل ذكرها، وإذا كان حكم الاستصحاب عندنا ما ذكر فاستدلال الحنفي به على إثبات حياة الخضر عليه السلام اليوم وأنها متيقنة لا يخلو عن شيء بل استدلال الشافعي به على ذلك أيضا كذلك بناء على أن صحة الاستدلال به مشروط بعدم وقوع ظن بالعدم فإن العادة قاضية بعدم بقاء الآدمي تلك المدة المديدة والأحقاب العديدة، وقد قيل: إن العادة دليل معتبر ولولا ذلك لم يؤثر خرق العادة بالمعجزة في وجوب الاعتقاد والاتباع فإن لم تفد يقينا بالعدم فيما نحن فيه أفادت الظن به فلا يتحقق شرط صحة الاستدلال، وعلى هذا فالمعول عليه الخالص من شوب الكدر الاستدلال بأحد الأدلة الأربعة وقد علمت حال استدلالهم بالكتاب والسنة وما سموه إجماعا، وأما الاستدلال بالقياس هنا فمما لا يقدم عليه عاقل فضلا عن فاضل «ثم اعلم» بعد كل حساب أن الأخبار الصحيحة النبوية والمقدمات الراجحة العقلية تساعد القائلين بوفاته عليه السلام أي مساعدة وتعاضدهم على دعواهم أي معاضدة، ولا مقتضى للعدول عن ظواهر تلك الأخبار إلا مراعاة ظواهر الحكايات المروية والله تعالى أعلم بصحتها عن بعض الصالحين الأخيار وحسن الظن ببعض السادة الصوفية فإنهم قالوا بوجوده إلى آخر الزمان على وجه لا يقبل التأويل السابق، ففي الباب الثالث والسبعين من الفتوحات المكية اعلم أن لله تعالى في كل نوع من المخلوقات خصائص وصفوة، وأعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السلام ولهم مقام الرسالة والنبوة والولاية والإيمان فهم أركان بيت هذا النوع، والرسول أفضلهم مقاما وأعلاهم حالا بمعنى أن المقام الذي أرسل منه أعلى منزلة عند الله تعالى من سائر المقامات وهم الأقطاب والأئمة والأوتاد الذين يحفظ الله تعالى بهم العالم ويصون بهم بيت الدين القائم بالأركان الأربعة الرسالة والنبوة والولاية والإيمان، والرسالة هي الركن الجامع وهي المقصودة من هذا النوع فلا يخلو من أن يكون فيه رسول كما لا يزال دين الله تعالى، وذلك الرسول هو القطب الذي هو موضع نظر الحق وبه يبقى النوع في هذه الدار ولو كفر الجميع، ولا يصح هذا الاسم على إنسان إلا أن يكون ذا جسم طبيعي وروح ويكون موجودا في هذا النوع في هذه الدار بجسده وروحه يتغذى، وهو مجلي الحق من آدم عليه السلام إلى يوم القيامة، ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ما قرر الدين الذي لا ينسخ والشرع الذي لا يبدل، ودخل الرسل كلهم عليهم السلام في ذلك الدين وكانت الأرض لا تخلو من

<<  <  ج: ص:  >  >>