في العزب، ويشارك هذا الفقير المتزوج الفقير الذي هو بصدد التزوج بمزيد الاهتمام في الكسب لكن هذا الاهتمام لتحصيل ما يتزوج به وربما يكون لذلك ولتحصيل ما يحسن به حاله بعد التزوج، ولا يخفى أن حال الامرأة المتزوجة وحال الامرأة التي بصدد التزوج على نحو حال الرجل والفرق يسير.
هذا والظاهر من كلام بعضهم أن ما ذكر في الأيامى والصالحين مطلقا وأمر تذكير الضمير ظاهر، وقيل: هو في الأحرار والحرائر خاصة وبذلك صرح الطبرسي لأن الأرقاء لا يملكون وإن ملكوا ولذا لا يرثون ولا يورثون، والمتبادر من الإغناء بالفضل أن يملكوا ما به يحصل الغنى ويدفع الحاجة وهو لا يتحقق مع بقاء الرق، نعم إذا أريد بالإغناء التوسعة ودفع الحاجة سواء كان ذلك بما يملك أم لا فلا بأس بالعموم فتدبر.
وجوز أن تكون الآية في الأحرار خاصة بأن يكون المراد منها نهي الأولياء عن التعلل بفقرهم إذا استنكحوهم، وأن تكون في المستنكحين من الرجال مطلقا والمراد نهي الأولياء عن ذلك أيضا فتدبر جميع ذلك.
واحتج بعضهم. كما قال ابن الفرس. بالآية على أن النكاح لا يفسخ بالعجز عن النفقة لأنه سبحانه وعد فيها بالغنى، وفيه مناقشة لا تخفى وَلْيَسْتَعْفِفِ إرشاد للتائقين العاجزين عن مبادي النكاح وأسبابه إلى ما هو أولى لهم وأحرى بهم أي وليجتهد في العفة وصون النفس الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً أي أسباب نكاح أو لا يتمكنون مما ينكح به من المال على أن فعالا اسم آلة كركاب لما يركب به حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عدة كريمة بالتفضل عليهم بالغنى ولطف بهم في استعفافهم وربط على قلوبهم وإيذان بأن فضله تعالى أولى بالإعفاء وأدنى من الصلحاء.
واستدل بالآية بعض الشافعية على ندب ترك النكاح لمن لا يملك أهبته مع التوقان وكثير من الناس ذهب إلى استحبابه له لآية إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وحملوا الأمر بالاستعفاف في هذه الآية على من لم يجد زوجة بجعل فعال صفة بمعنى مفعول ككتاب بمعنى مكتوب، ولا يخفى أن الغاية المذكورة تبعده، ولا يلزم من الفقر وجدان الأهبة المفسرة عندهم بالمهر وكسوة فصل التمكين ونفقة يومه، والمذكور في معتبرات كتبنا أن النكاح يكون واجبا عند التوقان أي شدة الاشتياق بحيث يخاف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج وكذا فيما يظهر لو كان لا يمكنه منع نفسه عن النظر المحرم أو عن الاستمناء بالكف ويكون فرضا بأن كان لا يمكنه الاحتراز عن الزنا إلا به بأن لم يقدر على التسري أو الصوم الكاسر للشهوة كما يدل عليه
حديث «ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»
فلو قدر على شيء من ذلك لم يبق النكاح فرضا أو واجبا عينا بل هو أو غيره مما يمنعه من الوقوع في المحرم، وكلا القسمين مشروط بملك المهر والنفقة، وزاد في البحر شرطا آخر فيهما وهو عدم خوف الجور ثم قال: فإن تعارض خوف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج وخوف الجور لو تزوج قدم الثاني ويكره التزوج حينئذ كما أفاده الكمال في الفتح ولعله لأن الجور معصية متعلقة بالعباد دون المنع من الزنا وحق العبد مقدم عند التعارض لاحتياجه وغنى المولى عز وجل انتهى، ومقتضاه الكراهة أيضا عند عدم ملك المهر والنفقة لأنهما حق عبد أيضا وإن خاف الزنا لكن ذكروا أنه يندب استدانة المهر ومقتضاه أنه يجب إذا خاف الزنا وإن لم يملك المهر إذا قدر على استدانته، وهذا مناف للاشتراط السابق إلا أن يقال: الشرط ملك النفقة والمهر ولو بالاستدانة أو يقال: هذا في العاجز عن الكسب ومن ليس له جهة وفاء.
وذكر بعض الأجلة أنه ينبغي حمل ما ذكروا من ندب الاستدانة على ندبها إذا ظن القدرة على الوفاء وحينئذ فإذا كانت مندوبة مع هذا الظن عند أمنه من الوقوع في الزنا ينبغي وجوبها عند تيقن الزنا بل ينبغي وجوبها حينئذ وإن لم