الدلائل عن أبي هريرة قال في ذلك نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني واستجبت لكم قبل أن تدعوني.
وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا
،
وأخرج هو أيضا وأبو نعيم في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة، والديلمي عن عمرو بن عيينة قال سألت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن قوله تعالى: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ما كان النداء وما كانت الرحمة؟ قال كتاب كتبه الله تعالى قبل أن يخلق خلقه بألفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي أعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة.
وأخرج الختلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا مثله
،
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:«لما قرب الله تعالى موسى إلى طور سيناء نجيا قال: أي رب هل أجد أكرم عليك مني؟ قربتني نجيا وكلمتني تكليما قال: نعم. محمد عليه الصلاة والسلام أكرم عليّ منك. قال: فإن كان محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أكرم عليك مني فهل أمة محمد أكرم من بني إسرائيل؟ فلقت البحر لهم وأنجيتهم من فرعون وعمله وأطعمتهم المن والسلوى. قال: نعم. أمة محمد عليه الصلاة والسلام أكرم عليّ من بني إسرائيل. قال:
إلهي أرنيهم. قال: إنك لن تراهم وإن شئت أسمعتك صوتهم. قال: نعم إلهي. فنادى ربنا أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أجيبوا ربكم. قال: فأجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم إلى يوم القيامة فقالوا: لبيك أنت ربنا حقا ونحن عبيدك حقا. قال: صدقتم أنا ربكم حقا وأنتم عبيدي حقا قد عفوت عنكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة»
. قال ابن عباس فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى أمته فقال: يا محمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا، واستشكل ذلك بأنه معنى لا يناسب المقام ولا تكاد ترتبط الآيات عليه، ولا بد لصحة هذه الأخبار من دليل، وتصحيح الحاكم لا يخفى حاله.
وقال بعض: يمكن أن يقال على تقدير صحة الأخبار إن المراد وما كنت حاضرا مع موسى عليه السلام بجانب الطور لتقف على أحواله فتخبر بها الناس ولكن أرسلناك بالقرآن الناطق بذلك وبغيره رحمة منا لك وللناس، والتوقيت بنداء أمته ليس لكون المخبر به ما كان من ذلك بل لإدخال المسرة عليه عليه الصلاة والسلام فيما يعود إليه وإلى أمته وفيه تسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم مما يكون من أمة الدعوة من الكفر به عليه الصلاة والسلام والإباء عن شريعته وتلويح ما إلى مضمون فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ [الأنعام: ٨٩] وحينئذ ترتبط الآيات بعضها ببعض ارتباطا ظاهرا فتأمل وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ أي عقوبة وهي على ما نقل عن أبي مسلم عذاب الدنيا والآخرة، وقيل: عذاب الاستئصال بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أي بما اقترفوا من الكفر والمعاصي ويعبر عن كل الأعمال وإن لم تصدر عن الأيدي باجتراح الأيدي وتقديم الأيدي لما أن أكثر الأعمال تزاول بها فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا أي هلا أرسلت إلينا رسولا مؤيدا من عندك بالآيات فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الظاهرة على يده وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بما جاء به، ولولا الثانية تحضيضية كما أشرنا إليه، وقوله تعالى: فَنَتَّبِعَ جوابها ولكون التحضيض طلبا كالأمر أجيبت على نحو ما يجاب، وأما الأولى فامتناعية وجوابها محذوف ثقة بدلالة الحال عليه، والتقدير لما أرسلناك، والفاء في فَيَقُولُوا عاطفة ليقول على تصيبهم، والمقصود بالسببية لانتفاء الجواب والركن الأصيل فيها قولهم ذلك إذا أصابتهم مصيبة، فالمعنى لولا قولهم إذا عوقبوا بما اقترفوا هلا أرسلت إلينا رسولا فنتبعه ونكون من المؤمنين لما أرسلناك إليهم، وحاصله سببية القول المذكور لإرساله صلى الله تعالى عليه وسلم إليهم قطعا