ملاقاة حكمه عز وجل يوم القيامة وأن يكون بمعنى الخوف، والمضاف محذوف أيضا أي من كان يخاف ملاقاة عقاب الله تعالى، وأن يكون بمعنى ظن حصول ما فيه مسرة وتوقعه كما هو المشهور، والمضاف كذلك أيضا، أي من كان يرجو ملاقاة ثواب الله تعالى، ويجوز أن لا يقدر مضاف، ويجعل لقاء الله تعالى مجازا عن الثواب لما أنه لازم له.
واختار بعضهم أن الرجاء بمعناه المشهور وأن لقاء الله تعالى مشاهدته سبحانه على الوجه اللائق به عز وجل كما يقوله أهل السنة والجماعة إذ لا حاجة للخروج عن الظاهر من غير ضرورة وما حسبه المعتزلي منها فليس منها كما بين في علم الكلام أي من كان يتوقع مشاهدة الله تعالى يوم القيامة التي لا نعيم يعدلها ويلزمها الفوز بكل خير ونعيم فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ الأجل غاية لزمان ممتد عينت لأمر من الأمور، وقد يطلق على كل ذلك الزمان، والأول أشهر في الاستعمال أي فإن الوقت الذي عينه جل شأنه لذلك لَآتٍ لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لأن أجزاء الزمان على التقضي والتصرم دائما، ومجيء ذلك الوقت كناية عن إتيان ما فيه ووقوعه، والجملة الاسمية قائمة مقام جواب الشرط وهي في الحقيقة دليل الجواب المحذوف أي فليبادر ما ينفقه من امتثال الأوامر واجتناب المناهي أو فليبادر ما يحقق أمله ويصدق رجاءه أو نحو ذلك مما يلائم الشرط فتدبر.
وقيل: يجوز أن تكون هي الجواب على أن المراد بها المعنى الملائم للشرط كما ذكر وَهُوَ السَّمِيعُ جل شأنه لأقوال العباد الْعَلِيمُ بأحوالهم من الأعمال الظاهرة والعقائد والصفات الباطنة، والجملة تذييل لتحقيق حصول المرجو والمخوف وعدا ووعيدا وَمَنْ جاهَدَ في طاعة الله عز وجل.
فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ لعود المنفعة من الثواب المعد لذلك إليها إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ فلا حاجة له إلى طاعتهم وإنما أمرهم سبحانه بها تعريضا لهم للثواب بموجب رحمته وحكمته.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ الكفر الأصلي أو العارضي بالإيمان والمعاصي بما يتبعها من الطاعات وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أي أحسن جزاء أعمالهم والجزاء الحسن أن يجازي بحسنة حسنة، وأحسن الجزاء أن تجازى الحسنة الواحدة بالعشر وزيادة، وقيل: لو قدر لنجزينهم بأحسن أعمالهم أو جزاء أحسن أعمالهم لإخراج المباح جاز وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً أي أمرناه بتعهدهما ومراعاتهما، وانتصب حسنا على أنه وصف لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا أي ذا حسن أو هو في حد ذاته حسن لفرط حسنه كقوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: ٨٣] وهذا ما اختاره أبو حيان ولا يخلو عن حسن، وقال الزمخشري: حسنا مفعول به لمصدر محذوف مضاف إلى والديه أي وصيناه بإيتاء والديه أو بإيلاء والديه حسنا، وفيه إعمال المصدر محذوفا وإبقاء عمله وهو لا يجوز عند البصريين، وجوز أن يكون حسنا مصدرا لفعل محذوف أي أحسن حسنا، والجملة في موضع المفعول لوصي لتضمنه معنى القول، وهذا على مذهب الكوفيين القائلين بأن ما يتضمن معنى القول يجوز أن يعمل في الجمل من غير تقدير للقول، وعند البصريين يقدر القول في مثل ذلك وعليه يجوز أن يكون مفعولا به لفعل محذوف والجملة مقول القول وجملة القول مفسرة للتوصية أي قلنا أولهما أو افعل بهما حسنا، وعلى هذا يحسن الوقف على بوالديه لاستئناف الجملة بعده، ورجح تقدير الأمر بأنه أوفق لما بعده من الخطاب والنهي الذي هو أخوه لكن ضعف ما فيه كثرة تقدير بكثرة التقدير، ونقل ابن عطية عن الكوفيين أنهم يجعلون حسنا مفعولا لفعل محذوف ويقدرون أن يفعل حسنا، وفيه حذف أن وصلتها وإبقاء المعمول وهو لا يجوز عند البصريين، وقيل: إن حسنا منصوب بنزع الخافض وبوالديه متعلق بوصينا والباء فيه بمعنى في أي وصينا الإنسان في أمر والديه بحسن وهو كما