وهو الطاعة القولية والفعلية، وقيل: بيان لكون العزة كلها لله تعالى وبيده سبحانه لأنها بالطاعة وهي لا يعتد بها ما لم تقبل، وقيل: استئناف كلام، وعلى الأول المعول. والْكَلِمُ اسم جنس جمعي عند جمع واحده كلمة، والمراد بالكلم الطيب على ما في الكشاف والبحر عن ابن عباس لا إله إلا الله، ومعنى كونه طيبا على ما قيل إن العقل السليم يستطيبه ويستلذه لما فيه من الدلالة على التوحيد الذي هو مدار النجاة والوسيلة إلى النعيم المقيم أو يستلذه الشرع أو الملائكة عليهم السّلام، وقيل: إنه حسن يقبله العقل ولا يرده، وإطلاق الكلم على ذلك إن كان واحده الكلمة بالمعنى الحقيقي ظاهر لتضمنه عدة كلمات لكن في وصفه بالطيب بالنظر إلى غير الاسم الجليل خفاء، ولعل ذلك باعتبار خصوصية التركيب، وإن كان واحده هنا الكلمة بالمعنى المجازي كما في قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ [الأنعام: ١١٥، الأعراف: ١٣٧] وكَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [المؤمنون: ١٠٠]
وقوله عليه الصلاة والسلام:«أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد»
وقولهم لا إله إلا الله كلمة التوحيد إلى ما لا يحصى كثرة فإطلاق الكلم على ذلك لتعدده بتعدد القائل: وكأن القرينة على إرادة المعنى المجازي للكلمة الصادق على الكلام الوصف بالطيب بناء على أن ما يستطيب ويستلذ هو الكلام دون الكلمة العرية عن إفادة حكم تنبسط منه النفس أو تنقبض أو يقال: إن كثرة إطلاق الكلمة على الكلام وشيوعه فيما بينهم حتى قال بعضهم كم نقل الحمصي في حواشي التصريح عن بعض شراح الأجرومية أنه حقيقة لغوية تغني عن القرينة، وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن الحبر أنه فسر الكلم الطيب بذكر الله تعالى، وقيل: هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهو ظاهر أثر أخرجه ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة.
وقيل: هو سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله، وهو ظاهر أثر أخرجه جماعة عن ابن مسعود، وأخرجه ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب أنه القرآن، وقيل: هو الثناء بالخير على صالحي المؤمنين، وقيل: هو الدعاء الذي لا ظلم فيه، وقال الإمام وبه أقتدي: المختار أنه كل كلام هو ذكر الله تعالى أو هو لله سبحانه كالنصيحة والعلم، وأما ما أفاده كلام الملا صدرا في أسفاره من أنه النفوس الطاهرة الزكية فإنه تطلق الكلمة على النفس إذا كانت كذلك كما قال تعالى في عيسى عليه السّلام: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ [النساء: ١٧١] فلا ينبغي أن يعد في عداد أقوال المفسرين كما لا يخفى، وصعود الكلم إليه تعالى مجاز مرسل عن قبوله بعلاقة اللزوم واستعارة بتشبيه القبول بالصعود، وجوز أن يجعل الكلم مجازا عما كتب فيه بعلاقة الحلول أو يقدر مضاف أي إليه يصعد صحيفة الكلم الطيب أو يشبه وجوده الخارجي هنا ثم الكتابي في السماء بالصعود ثم يطلق المشبه به على المشبه ويشتق منه الفعل على ما هو المعروف في الاستعارة التبعية، وقيل: لا مانع من اعتبار حقيقة الصعود للكلم فلله تعالى تجسيد المعاني، وكون الصعود إليه عزّ وجلّ من المتشابه والكلام فيه شهير، والكلام بعد ذلك كناية عن قبوله والاعتناء بشأن صاحبه، وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر،
وقرأ علي كرّم الله تعالى وجهه وابن مسعود رضي الله تعالى عنه والسلمي وإبراهيم «يصعد»
من أصعد للكلام الطيب بالنصب، وقال ابن عطية: وقرأ الضحاك «يصعد» بضم الياء ولم يذكر مبنيا للفاعل ولا مبنيا للمفعول ولا إعراب ما بعده، وفي الكشاف وقرىء إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ على البناء للمفعول وإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ من أصعد والمصعد هو الرجل أي يصعد إلى الله عزّ وجلّ الكلم الطيب، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما إِلَيْهِ يَصْعَدُ من صعد الكلام بالرفع.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ مبتدأ وخبر على المشهور، واختلف في فاعل (يرفع) فقيل ضمير يعود على العمل الصالح وضمير النصب يعود على الْكَلِمُ أي والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب وروي ذلك عن ابن عباس