للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعبود وكم مفسدين أحدا على الله عز وجل بإغوائكم إلا من سبق في علم الله تعالى أنه من أهل النار يصلاها ويدخلها لا محالة.

وجوز كون الواو هنا مثلها في قولهم كل رجل وضيعته فجملة ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ إلخ مستقلة ليست خبرا لأن وضمير عَلَيْهِ لما بتقدير مضاف وهو متعلق بفاتنين أيضا بتضمينه معنى البعث أو الحمل ولا تغليب في الخطاب كأنه قيل: إنك وآلهتكم قرناء لا تبرحون تعبدونها ثم قيل ما أنتم على عبادة ما تعبدون بباعثين أو حاملين على طريق الفتنة والإضلال أحدا إلا من سبق في علمه تعالى أنه من أهل النار، وظاهر صنيع بعضهم أن أمر التغليب في أَنْتُمْ على هذا على حاله، وأنت تعلم أن الظاهر الاتصال، وجوز أن يراد معنى المعية وخبر إن جملة ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ إلخ ويكون الكلام على أسلوب قول الوليد بن عقبة بن أبي معيط عامله الله تعالى بما هو أهله يحض معاوية على حرب الأمير علي كرم الله تعالى وجهه:

فإنك والكتاب إلى على ... كدابغة وقد حلم الأديم

قال في الكشف: ومعنى الآية أي عليه أنكم يا كفرة مع معبوديكم لا يتسهل لكم إلا أن تفتنوا من هو ضال مثلكم، وهو بيان لخلاصة المعنى، واستظهر أبو حيان العطف وكون الضمير للعبادة وتضمين فاتنين معنى الحمل وتغليب المخاطب على الغائب في أَنْتُمْ وكون الجملة المنفية خبر إن. وحكي عن بعضهم القول بأن على بمعنى الباء والضمير المجرور به لما تعبدون فتأمل. وقرأ الحسن وابن أبي عبلة «صالوا الجحيم» بالواو على ما فيه كتاب الكامل للهذلي، وفي كتاب ابن خالويه عنهما «صال» بالضم ولا واو. وفي اللوامح والكشاف عن الحسن «صالوا الجحيم» بضم اللام فعلى إثبات الواو هو جمع سلامة سقطت النون للإضافة. وفي الكلام مراعاة لفظ من أولا ومعناها ثانيا كما هو قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: ٨] وعلى عدم إثباتها فيه ثلاثة أوجه، الأول أن يكون جمعا حذفت النون منه للإضافة ثم واو الجمع لالتقاء الساكنين وأتبع الخط اللفظ.

الثاني أن يكون مفردا حذفت لامه وهي الياء تخفيفا جعلت كالمنسى وجرى الإعراب على عينه كما جرى على عين يد ودم وعلى ذلك قوله تعالى: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ [الرحمن: ٥٤] وقوله سبحانه وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: ٢٤] بضم نون دان وراء الجوار وقولهم ما باليت به بالة فإن أصل بالة بالية بوزن عافية حدفت لامه فأجري الإعراب على عينه ولما لحقته الهاء انتقل إليها، الثالث أن يكون مفردا أيضا ويكون أصله صائل على القلب المكاني بتقديم اللام على العين ثم حذفت اللام المقدمة وهي الياء فبقي صال بوزن فاع وصار معربا كباب ونظيره شاك الجاري إعرابه على الكاف في لغة، وقوله تعالى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ حكاية لاعتراف الملائكة بالعبودية للرد على من يزعم فيهم خلافها فهو من كلامه تعالى لكنه حكي بلفظهم وأصله وما منهم إلا إلخ أي وما منا إلا له مقام معلوم في العبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى في تدبير العالم مقصور عليه لا يتجاوزه ولا يستطيع أن يزل عنه خضوعا لعظمته تعالى وخشوعا لهيبته سبحانه وتواضعا لجلاله جل شأنه كما

روي «فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه»

وقد أخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة وابن مردويه عن أبي ذر قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضعا جبهته ساجدا لله» .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن عائشة قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم وذلك قول الملائكة وما منا إلا له مقام معلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>