للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطواف لا يناسب حالهن، وأجيب بأنه لا يبعد أن يكون من الحور ما ليس بمقصورات في الخيام ولا مخدرات هن كالخدم لهن لا يبالي بطوافهن ولا ينكر ذلك عليهن، وأن الطواف في الخيام أنفسها وهو لا ينافي كونهم مقصورات فيها، أو أن العطف على معنى لهم وِلْدانٌ وحُورٌ والثاني بأنه خلاف الظاهر جدا، والثالث بكثرة الحذف، وعِينٌ جمع عيناء وأصله عين على فعل كما تقول حمراء وحمر فكسرت العين لئلا تنقلب الياء واوا، وليس في كلام العرب ياء ساكنة قبلها ضمة كما أنه ليس فيه واو ساكنة قبلها كسرة.

وقرأ السلمي والحسن وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة عن عاصم وحمزة والكسائي «وحور عين» بالجر، وقرأ النخعي كذلك إلا أنه قلب الواو ياء والضمة قبلها كسرة في «حور» فقال:

وحير على الاتباع- لعين- وخرج على العطف على جَنَّاتِ النَّعِيمِ وفيه مضاف محذوف كأنه قيل: هم في جنات وفاكهة ولحم ومصاحبة حور على تشبيه مصاحبة الحور بالظرف على نهج الاستعارة المكنية، وقرينتها التخييلية إثبات معنى الظرفية بكلمة فِي فهي باقية على معناها الحقيقي ولا جمع بين الحقيقة والمجاز، وذهب إلى العطف المذكور الزمخشري، وتعقبه أبو حيان فقال: فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض، وهو فهم أعجمي- وليس كما قال كما لا يخفى- أو على (أكواب) ويجعل من باب- متقلدا سيفا ورمحا- كما سمعت آنفا فكأنه قيل: ينعمون بأكواب وبحور، وجوز أن يبقى على ظاهره المعروف، وأن الولدان يطوفون عليهم بالحور أيضا لعرض أنواع اللذات عليهم من المأكول والمشروب والمنكوح كما تأتي الخدام بالسراري للملوك ويعرضوهن عليهم، وإلى هذا ذهب أبو عمر وقطرب، وأبى ذلك صاحب الكشف فقال: أما العطف على الولدان على الظاهر فلا لأن الولدان لا يطوفون بهن طوافهم بالأكواب، والقلب إلى هذا أميل إلا أن يكون هناك أثر يدل على خلافه، وكون الجر للجوار يأباه الفصل أو يضعفه. وقرأ أبيّ وعبد الله- وحورا عينا- بالنصب، وخرج على العطف على محل بِأَكْوابٍ لأن المعنى يعطون أكوابا وحورا على أنه مفعول به لمحذوف أي ويعطون حورا أو على العطف على محذوف وقع مفعولا به لمحذوف أيضا أي يعطون هذا كله وحورا، وقرأ قتادة «وحور» بالرفع مضافا إلى «عين» ، وابن مقسم «وحور» بالنصب مضافا، وعكرمة- وحوراء عيناء- على التوحيد اسم جنس وبفتح الهمزة فيهما فاحتمل الجر والنصب كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ أي في الصفاء، وقيد بالمكنون أي المستور بما يحفظه لأنه أصفى وأبعد من التغير، وفي الحديث صفاؤهن كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي، ووصف الحسنات بذلك شائع في العرب، ومنه قوله:

قامت تراءى بين سجفي كلة ... كالشمس يوم طلوعها بالأسعد

أو درة صدفية غواصها ... بهج متى يرها يهل ويسجد

والجار والمجرور في موضع الصفة لحور، أو الحال، والإتيان بالكاف للمبالغة في التشبيه، ولعل الأمر عليه نحو زيد قمر جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ مفعول له لفعل محذوف أي يفعل بهم ذلك كله جزاءا بأعمالهم أو بالذي استمروا على عمله أو هو مصدر مؤكد أي يجزون جزاء لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ما لا يعتد به من الكلام وهو الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغا- وهو صوت العصافير ونحوها من الطير- وقد يسمى كل كلام قبيح لغوا وَلا تَأْثِيماً أي ولا نسبة إلى الإثم أي لا يقال لهم أثمتم، وعن ابن عباس كما أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم تفسيره بالكذب، وأخرجه هناد عن الضحاك- وهو من المجاز كما لا يخفى- والكلام من باب.

ولا ترى الضب بها ينجحر

<<  <  ج: ص:  >  >>