للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين النساء فتقعوا في نحو ما هربتم منه فَواحِدَةً تكفيكم في تحصيل غرضكم (١) وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ مهورهن نِحْلَةً عطية من الله وفضلا، وفيه إشارة إلى التخلية عن البخل والغدر والتحلية بالوفاء والكرم، وذلك من جملة ما يربى به القوى فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ولا تأنفوا وتتكبروا عن ذلك وهذا أيضا نوع من التربية لما فيه من التخلية عن الكبر والأنفة والتحلية بالتواضع والشفقة وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ أي لا تودعوا الناقصين عن مراتب الكمال أسراركم وعلومكم الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها أي غذوهم بشيء منها وَاكْسُوهُمْ أي حلوهم وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً لينقادوا إليكم ويسلموا أنفسهم بأيديهم وَابْتَلُوا الْيَتامى

أي اختبروهم، ولعله إشارة إلى اختبار الناقصين من السائرين حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ وصلحوا للإرشاد والتربية فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً أي استقامة في الطريق وعدم تلون فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ التي يستحقونها من الأسرار التي لا تودع إلا عند الأحرار.

والمراد إيصاء الكمل من الشيوخ أن يخلفوا ويأذنوا بالإرشاد من يصلح لذلك من المريدين السالكين على أيديهم وَلا تَأْكُلُوها أي ننتفعوا بتلك الأموال دونهم إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا بالتصدي للإرشاد فإن ذلك من أعظم أدواء النفس والسموم القاتلة وَمَنْ كانَ منكم غَنِيًّا بالله لا يلتفت إلى ضرورات الحياة أصلا فَلْيَسْتَعْفِفْ عما للمريد وَمَنْ كانَ فَقِيراً لا يتحمل الضرورة فَلْيَأْكُلْ أي فلينتفع بما للمريد بِالْمَعْرُوفِ وهو ما كان بقدر الضرورة فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ الله تعالى وأرواح أهل الحضرة وخذوا العهد عليهم برعاية الحقوق مع الحق والخلق وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً لأنه الموجود الحقيقي والمطلع الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهو حسبنا ونعم الوكيل لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ شروع في بيان أحكام المواريث بعد بيان أموال اليتامى المنتقلة إليهم بالإرث، والمراد من الرجال الأولاد الذكور، أو الذكور أعم من أن يكون كبارا أو صغارا، ومن الأقربين الموروثون، ومن الوالدين ما لم يكن بواسطة، والجد والجدة داخلان تحت الأقربين، وذكر الولدان مع دخولهما أيضا اعتناء بشأنهما، وجوز أن يراد من الوالدين ما هو أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها فيشمل الجد والجدة، واعترض بأنه يلزم توريث أولاد الأولاد مع وجود الأولاد. وأجيب بأن عدم التوريث في هذه الصورة معلوم من أمر آخر لا يخفى، والنصيب الحظ كالنصب بالكسر ويجمع على أنصباء وأنصبة، ومن- في «مما» متعلقة بمحذوف وقع صفة للنكرة قبله أي نصيب كائن مِمَّا تَرَكَ وجوز تعلقه بنصيب.

وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ المراد من النساء البنات مطلقا، أو الإناث كذلك، وإيراد حكمهن على الاستقلال دون الدرج في تضاعيف أحكام السالفين بأن يقال للرجال والنساء نصيب إلخ للاعتناء- كما قال شيخ الإسلام- بأمرهن والإيذان بأصالتهن في استحقاق الإرث، والإشارة من أول الأمر إلى تفاوت ما بين نصيبي الفريقين والمبالغة في إبطال حكم الجاهلية فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، وللرد عليهم نزلت هذه الآية- كما قال ابن جبير وغيره-

وروي أن أوس بن ثابت، وقيل: أوس بن مالك، وقيل: ثابت بن قيس، وقيل: أوس بن الصامت- وهو خطأ- لأنه توفي في زمن خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه مات وترك ابنتين وابنا صغيرا، وزوجته أم كجة، وقيل: بنت كجة، وقيل: أم كحلة، وقيل: أم كلثوم فجاء أبناء عمه خالد، أو سويد وعرفطة، أو قتادة وعرفجة فأخذا ميراثه كله فقالت امرأته لهما: تزوجا بالابنتين وكانت بهما دمامة فأبيا


(١) قوله: وَآتُوا إلخ سقط من خط المؤلف قبلها أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إلخ اهـ مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>