غمزه به البخاري رحمه الله. لكن الراوي عنه - محمد بن يونس الكديمي - أوهى منه، فقد أطرحه الجمهور، ورماه ابن عدي وابن حبان وغيرهما بوضع الحديث. نعم، وكان الإمام أحمد حسن الرأي فيه. ومال الخطيب أيضاً إلى تقويته، فلا أدري أينتحل البيهقي هذ المذهب - على بعده - أم لا؟
وممن سكت عنه أيضاً الحافظ المناوى، فقال في ((الفيض)) (٥/٦٨) : ((قال - أعني البيهقي -: وعون ضعيف اهـ. وممن ضعفه أيضاً أبو حاتم وغيره)) اهـ. ومع ذلم فالمتن لا يشهد إلا لبعض حديث شداد - كما قدمنا وكما يفهم من كلام البيهقي - وقد اكتفى الشيخ الألباني بقول البيهقي، ثم المناوى عن الإطلاع على إسناده في ((الشعب)) بنفسه، فقال في ((ضعيف الجامع)) (٤/١٦٧) : ((ضعيف)) ، وأحال على ((فيض القدير)) . وما أبرئ نفسي - على حقارتها -، فقد كنت استشهدت بكلام المناوى والألباني في ((مختصر ضعيف رياض الصالحين)) (١) ، ولم يخطر على بالي طرفة عين أن يسكت هؤلاء الفحول عن الكديمي. ثم إن أصل هذا الحديث عن أنس ثابت في ((الصحيح)) بدون هذا السياق المنكر.
والبديل الصحيح لحديث شداد، هو ما ثبت من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً من الأنصار قال يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً. قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم ما بعده استعداداً. أولئك الأكياس)) . وقد وضعت في تصحيح هذا الحديث جزءاً صغيراً كان أول محاولاتي الكتابية، وسميته:((القسطاس في تصحيح حديث الأكياس)) لما رأيت بعضهم يتهجم على القول بضعفه اكتفاء بضعف إسناد ابن ماجه مع أن للمتن طرقاً وشواهد كثيرة