للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(١) مقدمة عامة]

هال أعداء الإسلام ذلك التماسك الصلب والترابط المتين ما بين المسلمين , على اختلاف أعراقهم ولغاتهم وبلدانهم , وعرفوا أن تماسكهم وترابطهم قائمان على أساس العقيدة الواحدة , والأخوة الإيمانية , وتأملوا طويلاً في ذلك الطود البشري الراسخ المنيع , المتراص من اتحاد الشعوب الإسلامية , وانصهارها في بوتقة الإيمان بالعقيدة الإسلامية , والتآخي في الله , وعجزوا عن مقاومته خلال قرون , حتى أوحت لهم شياطينهم أن يعمدوا إلى تفتيته بوسائل التجزئة المختلفة , ضمن خطة مرسومة , وبدأوا يضربون في ذلك الطود الهائل أسافين الشقاق , ويسقونها جرثومة الفساد والضغينة والعصبية والخلافات المتنوعة , ويعطون للزمن فرصة تمكين الشقاق والخلاف وتعميقه , حتى يفعل تطاول العهد بهذه الأمة الإسلامية الواحدة من التمزيق والتشقيق والتفتيت ما لم تفعله الحروب المسلحة الكبرى.

أما وسائل التجزئة فكثيرة ومختلفة: لقد عمدوا إلى التجزئة والتفتيت , بعناصر الاختلاف السياسي , ثم بعناصر الاختلاف الطائفي , وذلك بإلقاء جرثومة الخلاف في العقائد , ثم بعناصر الاختلاف المذهبي , وذلك بتشجيع التعصب المذهبي وبتغذيته ضد المذاهب المخالفة , وقد لعبت هذه العناصر دورها في جميع الشعوب الإسلامية على اختلاف قومياتهم.

ثم عمدوا إلى التجزئة بعناصر الاختلاف العرقي والقومي واللغوي , مع تمكين التجزئة بعناصر الاختلاف الأخرى , حتى تصطرع فيما بينها عناصر

<<  <   >  >>