للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجيوش المسلمة بذلك عناصر قوتها الحقيقية، فكيف يتم لها الظفر بعد ذلك على عدوها؟!

[(٣) أهداف محاولات التسلط المادي المرتبط بالدوافع العدوانية]

سجل تاريخ الإنسان القديم والحديث أنواعاً من التسلط المادي المرتبط بالدوافع والغرائز الفردية لذوي سلطان الأرض، أو الدوافع والغرائز الجماعية لأمم وشعوب، وكان منها أمثلة مفرطة في الهمجية، وأمثلة دون ذلك، وكان منها أمثلة مقنعة بأثواب نفاق مزورة، تدعي الرقي والتهذيب، وهذه أكثرها مكراً وأبعدها غوراً وأطولها مدة استقرار في البلد المغلوب على أمره.

وأهداف هذه الأنواع من التسلط لا تعدو أن تكون أهدافاً توسوس بها مطامع النفوس وشهواتها وغرائزها ونزواتها وأهوائها وأحقادها.

وقد تتحكم هذه الوساوس بإرادة صاحب سلطان قوي أو تتحكم بإرادة بطانته المسيرة لأمره، فيلتفت صاحب السلطان يمنة ويسرة، فيجد قوة كبيرة من حوله رهن إشارته وطوع أمره، ويرى أنها قادرة على تحقيق مطامعه في التسلط، فيسخرها في ذلك.

وقد تتوسع حلقة هذه الوساوس فتكون في أمة بأسرها ضد أمة أخرى، أو في شعب ضد شعب آخر، أو في قبيلة ضد قبيلة، وحيثما ترى هذه الحلقة الموسعة أن لديها من القوة ما يمكنها من التسلط على ما تطمع به، تتحرك في محاولة التسلط، وتسخر قواها المادية في سبيل تحقيق مطامعها الأنانية.

وقد تتوسع حلقة هذه الوساوس توسعاً ثانياً فتكون في مجموعة أمم أو شعوب تشعر فيما بينها بجامعة ما تجمعها، ضد مجموعة أخرى من الناس، تتسع حيناً وتضيق حيناً آخر بحسب مقتضيات الظروف المواتية للقيام بأعمال التسلط.

ولا تعدو أنواع التسلط الذي يراد منه تحقيق الأهداف التي توسوس بها

<<  <   >  >>