المقدسة وتسليمها إلى النصارى، وأن قازان كان يريد السير بنفسه على رأس تلك الحملة، ولكنّ تهديد حدوده الشرقية أدى إلى أن ينيب عنه قطلوشاه التي تعاون مع النصارى ولا سيما أن الأرمن الذين كانوا يشكلون قوة كبيرة في جيش قطلوشاه، وقد استولوا على عدد من مدن المسلمين وقتلوا فيها ومثلوا ونهبوا وفعلوا الأفاعيل البالغة في الفظاعة والشناعة.
وكان الرعب الذي يرافق تحركات المغول شديداً يملأ صدور الناس ويوهن قواهم.
وعمل العلماء على إشراك الخليفة المستكفي بالله والسلطان الناصر محمد بن قلاوون الصالحي في مواجهة هؤلاء الغزاة وقام شيخ الإسلام بن تيمية بمهمة جسيمة في هذا المجال وجعل المرجفون يرددون: لا طاقة لجيش الشام مع هؤلاء المصريين بلقاء التتار وتصدى ابن تيمية والعلماء لهولاء المرجفين المثبطين حتى استطاعوا أن يقنعوا الأمراء بالتصدي للتتار مهما كان الحال. واجتمع الأمراء وتعاهدوا وتحالفوا على لقاء العدو وشجعوا أنفسهم ورعاياهم، ونودي بالبلد دمشق أن لا يرحل منه أحد، وتوقدت الحماسة الشعبية وارتفعت الروح المعنوية عند العامة والجند وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية أعظم التأثير في ذلك الموقف. ثم عمل -رحمه الله- على إلهاب عواطف الأمة وإذكاء حماستها وتهيئتها لخوض معركة الخلاص، وتوجه إلى معسكر الواصل من حماة فاجتمع بهم في القطيفة ما بين دمشق وحمص، فأعلمهم بما تحالف عليه الأمراء والناس من لقاء العدو، فأجابوا إلى ذلك وحلفوا معهم.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يحلف للأمراء والناس، إنكم في هذه الكرّة منصورون.
فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله.
فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله تعالى:(ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله)[الحج: ٦٠] .
وقد ظهرت عند بعضهم شبهات تفت في عضد المحاربين للتتار من نحو قولهم: