للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَوْلَ الْبَيْتِ إِلَّا عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ، وَمِمَّنْ أَجَازَ التَّلْبِيَةَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ: أَحْمَدُ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي «الْمُغْنِي» : وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ، إِلَّا عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّهُ لَا يُلَبِّي، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرٍ يَخُصُّهُ، فَكَانَ أَوْلَى. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنَ «الْمُغْنِي» ، وَقَدْ قَدَّمْنَا لَكَ أَنَّ الْقَوْلَ الْجَدِيدَ الْأَصَحَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يُلَبِّي خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُغْنِي، وَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ. حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ. فَإِذَا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ. وَكَانَ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ، إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ. انْتَهَى مِنَ «الْمُوَطَّأِ» ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يُلَبِّي، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ انْتَهَى مِنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا خِلَافُ هَذَا، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي «التَّلْخِيصِ» : أَنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ لَبَّى.

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ يُلَبِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى، وَمَسْجِدِ نَمِرَةَ بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ ; لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ نُسُكٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي التَّلْبِيَةِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسَاجِدِ.

وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي: أَنَّهُ يُلَبِّي فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ رَفْعًا يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: أَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي: أَنَّ الْمُحْرِمَ يُلَبِّي فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي الْأَمْصَارِ وَفِي الْبَرَارِي، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعَبْدَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ. خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: التَّلْبِيَةُ مَسْنُونَةٌ فِي الصَّحَارِي، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُلَبِّيَ فِي الْمِصْرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ

فِيمَا يَمْتَنِعُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُحْرِمِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ

فَمِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ اللَّهُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [٢ \ ١٩٧] وَالصِّيغَةُ فِي قَوْلِهِ: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>