للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلِيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ» . وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِهِ سَالِمٍ. وَأَخْرَجَ بَعْضَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ» يَعْنِي: الْمُحْرِمَ. وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ عَمْرٍو: يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، قَالَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى جَوَازِ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ، الَّذِي لَمْ يَجِدْ إِزَارًا، كَجَوَازِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ الْمَذْكُورَيْنِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: وَهِيَ جَوَازُ السَّرَاوِيلِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يَجِبُ قَبُولُهَا، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ قَبُولَهَا، وَإِطْلَاقُ الْخُفَّيْنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ الْمَذْكُورَيْنِ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَطْعِهِمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ ; لِوُجُوبِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا اتَّحَدَ حُكْمُهُمَا وَسَبَبُهُمَا كَمَا هُنَا، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ.

فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ دَلِيلًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ، إِلَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ، وَأَنَّ قَطْعَهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ إِزَارًا، خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» : وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْخُفَّ، إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>