أَلَّا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ هَكَذَا، وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ: «وَلَا يَلْبَسُ الْقَبَاءَ» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ مَحْفُوظَةٌ، انْتَهَى مِنْهُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ لُبْسِ الْقَبَاءِ لِلْمُحْرِمِ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ الْبَارِي» فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ: زَادَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «وَلَا الْقَبَاءَ» ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ أَيْضًا. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِ اللِّبَاسِ الْمَذْكُورِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَهُنَّ أَنْ يَلْبَسْنَ مَا شِئْنَ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ، إِلَّا أَنَّهُنَّ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَنْ يَنْتَقِبْنَ، وَلَا أَنْ يَلْبَسْنَ الْقُفَّازَيْنِ ; لِأَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ. . . الْحَدِيثَ، وَفِيهِ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَلَا وَرْسَ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَا تَنْتَقِبُ الْمُحْرِمَةُ، وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ. انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي سُنَنِهِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْنَاهُ. وَزَادَ: «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» . وَفِي لَفْظٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُحْرِمَةُ لَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ، وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّهُ الْوَرْسُ، وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ وَلْيَلْبَسْنَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ، أَوْ حُلِيًّا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ قَمِيصًا، أَوْ خُفًّا، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ صَاحِبِ الْمَغَازِي، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَكْثَرُ مَا أُنْكِرَ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ التَّدْلِيسُ، وَإِذَا قَالَ الْمُدَلِّسُ: حَدَّثَنِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute