للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه (اقتضاء صراط المستقيم) ص ٢٧٥ ما نصه قال: "فأما صلاة التراويح فليست بدعة في الشريعة، بل هي سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، فإنه قال: "إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه". ولا صلاتها جماعة بدعة بل هي سنة في الشريعة بل قد صلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة في أول شهر رمضان ليلتين، بل ثلاثا. وصلاها كذلك في العشر الأواخر في جماعة مرات. وقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". لما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح. رواه أهل السنن.

وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها على حال الانفراد. وفي قوله هذا ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة.

وكان الناس يصلون جماعة في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرهم وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكما بقول عمر الذي لم يخالف فيه لقالوا: "الصاحب ليس بحجة".

فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة فلا يعتقده إذا خالف الحديث.

فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب. نعم يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف على إحدى الروايتين فيفيدهم هذا (حسن تلك البدعة) أما غيرها فلا.

ثم نقول أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق وأما البدعة الشرعية فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي.

فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته أو دل عليه مطلقا ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى ((بدعة)) في اللغة لأنه عمل مبتدأ كما أن نفس

<<  <  ج: ص:  >  >>