بالله من الشيطان الرجيم؟ قال: لا أعلمه يكون إلا في رمضان، فإن قراءنا يفعلون ذلك، وهو من الأمر القديم".
وقوله: هو من الأمر القديم يشهد له ما جاء عن أبي الزناد قال: "أدركت القراء إذا قرءوا في رمضان تعوذوا بالله السميع من الشيطان الرجيم ثم يقرؤون"، قال المروزي: "وكان إذا قام في رمضان يتعوذ حتى لقي الله لا يدع ذلك".
وأبو الزناد مات سنة ١٣٠هـ أي بعد عمر بن عبد العزيز وقبل مالك.
وجاء أنّ قراء عمر بن عبد العزيز كانوا لا يدعون التعوذ في رمضان، ولعل هذا هو مراد أبي الزناد بقوله أدركت القراء، يعني قراء عمر بن عبد العزيز، لأنّ بين وفاته ووفاة عمر بن عبد العزيز تسعة عشر سنة فقط.
وظل هذا الأمر بعد أبي الزناد إلى سعيد بن إياس قال: "رأيت أهل المدينة إذا فرغوا من أم القرآن ولا الضالين، وذلك في شهر رمضان يقولون: "ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم".
أما حكم المسألة عند ملك فكما قال الباجي في شرح الموطأ: "مسألة: ولا بأس بالاستعاذة للقارئ في رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة، وروى عنه أشهب في العتبية: "ترك ذلك أحب إليّ".
وقد وجه الباجي كلا الروايتين، والواقع أن البسملة كما قيل: إنها حرف أي جاءت رواية في القراءات السبع بإثباتها، وراية بإسقاطها، وهما عن نافع رحمه الله.
فرواية ورش ترك البسملة، وراية قالون عنه إثباتها وعليه البيت الآتي في القراءات:
قالون بين السورتين بسملا ... وورش الوجهان عنه نقلا
ونافع هو قارئ المدينة، وعنه أخذ مالك، ومالك في ذلك رجح قراءة قالون، والرواية عن ورش التي فيها الإثبات.
أما ما يبدأ به القراءة في أول ليلة من رمضان فقد قال المروزي قال أبو حازم: "كان أهل المدينة إذا دخل رمضان يبدءون في أول ليلة بـ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} .
وأخبرني الشيخ حماد الأنصاري المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة أنّ هذا هو عمل البلاد إلى اليوم وقد تركهم يفعلونه قبل أن يهاجر إلى المدينة، وقد باشر هذا بالفعل حينما كان إماما في بلاده في التراويح، وأهل تلك البلاد كلهم على مذهب مالك.
مقارنة بين قيام أهل المدينة وأهل مكة في ذلك الوقت:
مما تقدم من كلام مالك أنّه يستحب